منتدي شباب المسرح
عزيزي الزائر انت غير مسجل لدينا.سجل حتي تتمكن من مشاهدة كل الأقسام ..اقسام الأفلام والأغاني و الموسيقى وكل المواضيع(التسجيل يأخذاقل من 30 ثانية)
منتدي شباب المسرح
عزيزي الزائر انت غير مسجل لدينا.سجل حتي تتمكن من مشاهدة كل الأقسام ..اقسام الأفلام والأغاني و الموسيقى وكل المواضيع(التسجيل يأخذاقل من 30 ثانية)
منتدي شباب المسرح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي شباب المسرح


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مسرحية : المعلمون يا جلالة الملك المعظم .. تاليف الاديب الراحل حامد الزبيدي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد حسين سعيد
عضو جديد
عضو جديد



ذكر
عدد الرسائل : 5
العمر : 41
عدد نقاط نشاطك في المنتدي : 73920
تاريخ التسجيل : 28/05/2011

مسرحية  : المعلمون يا جلالة الملك المعظم ..  تاليف الاديب الراحل حامد الزبيدي      Empty
مُساهمةموضوع: مسرحية : المعلمون يا جلالة الملك المعظم .. تاليف الاديب الراحل حامد الزبيدي    مسرحية  : المعلمون يا جلالة الملك المعظم ..  تاليف الاديب الراحل حامد الزبيدي      Emptyالخميس 1 فبراير - 16:37

مسرحية  : المعلمون يا جلالة الملك المعظم ..
                                                                                        حامد الزبيدي
 
مسرحية ذات فصل واحد .
الشخوص : التلميذ1 .. التلميذ2 .. المدير .. الفراش .. المعلم1 .. المعلم 2 .. المعلم 3 .. الملك .. المرافق .. كمبارس من المعلمين والتلاميذ  والشرطة.
المنظر : في العمق  ممر واسع  لواجهة مدرسة من الداخل ينتهي بثلاثة سلالم ، يركض التلاميذ ذهابا وايابا  في فناء المدرسة .
                (1 )
التلميذ1: سيزور مدرستنا  اليوم .. جلالة الملك المعظم .
التلميذ2: من أين لك بهذه الأنباء ؟
التلميذ 1 : قال لي زميلي ابن المدير توا .
التلميذ2: ( يجري في فناء المدرسة ) سيزور مدرستنا  اليوم ..جلالة الملك المعظم .
التلميذ 1 : (يركض في الاتجاه المعاكس ) سيزور مدرستنا اليوم ..جلالة الملك المعظم .
المدير . : ( يظهر في فناء المدرسة مضطربا  ) أين فراش المدرسة  ..يا أبا نجية .. أين أنت يا أبا نجية .
الفراش : نعم أستاذ .
المدير : أين كنت يا أبا نجية .
الفراش : أعددت لك القهوة .
المدير : أنا لا ارغب الآن بشربها .. امض بسرعة ودق الجرس ..ليدخل جميع التلاميذ إلى الصفوف .. هيا امض بسرعة .
الفراش : ( يمضي مسرعا ) تأمر أستاذ .
المدير: حمد لله ..فناء المدرسة نظيفا .. والصفوف .. (مرتبكا)  الصفوف ولوحاتها .. أهي الأخرى نظيفة .. يا أبا نجية .
( صوت يشبه دقات الناقوس في الآحاد  ، يظهر بعض  المعلمين وعلى وجوههم علامات التذمر والاستياء )
المعلم3 : ماذا هناك يا أستاذ .. من الذي أوعز للفراش بدق الجرس ؟
المدير : أنا  الذي أوعز إليه يا أستاذ ( بتوجس وقلق ، يقول لهم ) انطلق الآن موكب جلالة الملك المعظم من المصرفية  باتجاه مدرستنا .. إنه سيزور مدرستنا اليوم  ..أرجوكم أن تذهبوا إلى صفوفكم  ولا تخرجوا منها حتى مجيئ جلالته ..
المعلم 1: نحن لا نذهب إلى الصفوف ولا نتجاوز على حرمة الوقت . . ( يذهب عنه )
المعلم  : الساعة تشير إلى السابعة والنصف  وأغلب المعلمين لم يحضروا  بعد ( يذهب عنه ).
المدير : لكن جلالته سيزورنا اليوم ..وربما الآن يدخل علينا بغتة .
المعلم 3 : ( يمسك بيده عصا ) نحن نرفض زيارته .
المدير : ماذا قلت يا أستاذ ؟
المعلم 3 : قلت كما سمعت يا أستاذ .
المدير : (يخرج منديل من جيبه ثم يمسح وجهه  ) من نحن حتى نرفض زيارته  .. نحن جزء من رعيته يا أستاذ ..( يظهر الفراش  ،يلتفت إليه )  الصفوف ولوحاتها نظيفة يا أبا نجية ؟
الفراش : نعم أستاذ  .. إنها نظيفة جدا وعلى خير ما يرام .
المدير : اجلب لي كرسيا من غرفة الادارة .. هيا بسرعة .
المعلم3 : ( إلى أبي نجية ) انتظر لحظة  ( إلى المدير ) ألا توعز له أن يدق الجرس ويخرج التلاميذ من الصفوف.. هذا اضطهاد سافر يا أستاذ .. وله عواقب وخيمة على سلوك التلاميذ  مستقبلا .. فلا تعلمهم كيف يكونوا اذلاء للغير .
المدير : أنا لم اعلمهم الذل ولا المهانة .. إنها حالة طارئة يا أستاذ .. أذهب يا أبا نجية واجلب الكرسي  .. أنا لا أقوى على الوقف بعد الآن .. لا أستطيع الوقوف .. أكاد انفجر من الغيظ ( إلى المعلم3) وأنت يا أستاذ ماذا تفعل لو كنت مكاني .. تترك التلاميذ .. يسرحون ويمرحون في فناء المدرسة .. أثناء زيارة جلالته ..يا لها من فوضى عارمة .
المعلم3: سترى ما أفعله الآن ( يذهب  المعلم3 ثم يأتي الفراش والكرسي بين يديه ).
المدير : افعل ما بدا لك .. أنت حر .. ( يتحدث في نفسه ) على الرغم من مكانته الرفيعة عندي إلا إذا خرج من المدرسة من دون إذني وتركني لوحدي في هذه المصيبة  .. سأدون مع نهاية دوام اليوم الدراسي أسمه في سجل الحضور والانصراف بالقلم الأحمر وأكتب أمامه كلمة غائب .. غائب .
الفراش : ( يضع الكرسي على الأرض) تفضل أستاذ .. اجلس .
المدير : ( يجلس على الكرسي  والفراش واقفا خلفه  ، يسمع دقات الجرس ينهض من مكانه  مضطربا) من دق الجرس .. من دق الجرس يا أبا نجية .
الفراش : ( ينظر بعيدا )  لا أعلم من دق الجرس يا أستاذ..  ( يقترب المعلم 3 منهما ) .
المدير :  ( إلى الفراش ) انصرف  يا أبا نجية ..هيا انصرف  ( إلى المعلم 3) .
المدير: هل أنت الذي قرع الجرس وأخرج التلاميذ من الصفوف .
المعلم3: نعم أنا قرعته  وأخرجت التلاميذ من صفوفهم ..
المدير :  كيف سمحت لنفسك أن تفعل ذلك ؟.
المعلم 3: أنا قمت بواجبي يا أستاذ .. بصفتي مراقب التلاميذ  في فناء المدرسة .
المدير : ماذا دهاك اليوم حتى تتخذ موقفا معاد ضدي .. أنا معلمك يا أستاذ .
المعلم 3: أنت صاحب فضل كبير علي يا معلمي.. وهو دين برقبتي ما حييت .. أنا أحبك كثير ولم أتخذ أي موقف معاد ضدك أبدا .
المدير: ( بتوتر )ممكن أن تعطني تفسيرا مقنعا .. ( بصوت منخفض) لرفضك زيارة جلالة الملك المعظم مدرستنا .
المعلم 3 : أستاذنا الكبير ..قبل كل شيء ..أنا لست سياسيا وإنما أنا معلم ..مربي الأجيال .. ومهنتي تفرض عليَّ .. تربيتهم وتعليمهم وتوعيتهم ..وأحب الوطن والملك كما أنت تحبهما.. لكن أود أن أبين لك ما غاب عنك .. إذا زارنا الملك سنواجه مشكلة كبيرة .. كيف سننحني له أمام تلاميذنا  ..ثق إذا انحنينا له .. سنصغر في أعينهم  .. ولا أحد منهم يحترمنا بعد ذلك ..أقسم بشرف المهنة .. أقتل نفسي ولا أفعل ذلك  ..ليس بمقدوري أن أهدم  قيم التربية ومبادئ التعليم  السامية التي تربية عليها منذ الصغر في لحظة تزلف .
المدير : ( يتحدث في نفسه ) إلى أين ستأخذنا قيم التربية والمبادئ السامية .. أنا لا أعرف لماذا الحظ العاثر برفقتي منذ مسقط رأسي ..  يا إلهي  أبيَّ جنة ..ماذا أرى الآن .. أسماك تطير فوق الأمواج  .. والطير يتسابق للاصطياد .. ليس حلما ما أرى .. ولا وهما .. إنما هو جوهر الحقيقة  .. يا ليتني لم أكن هنا ..قد غابت المدينة وغياب الشمس ..لا شيء في المكان ..لا شيء في الزمان  ..الريح تعوي في فضاء مجهول  ..آه ..من حلم الأمس ..أصبح اليوم حقيقة ( يلتفت نحو المعلم 3).. يا صاحب القيم والمبادئ السامية  .. إنها لمشكلة كبيرة  .. هلا تساعدني بالخروج منها أو تجد لي سبيلا يخرجني من هذا المأزق ؟
المعلم3:  قل له ما نريد .. نحن لن ننحني له أمام تلاميذنا ..فهو ملك نبيل وليس بحاجة لما يغيظنا .
المدير: أنا عاجز عن فعل هذا الأمر العصيب .. كيف اتجرأ بالمثول أمامه .. وأقول له ذلك في وجهه ؟.
المعلم 3: إذا .. ليحرقنا السم الزعاف الذي نسقى منه في كل وقت .. ونستسلم إليه .. ونعود إلى مدن الضياع منكسرين .. نجر أذيال الخيبة بخطى ذليلة .
المدير : يا ليتني أغيب عن الوجود .. كما يغيب نجم متهرئ عن فلكه ولن يعود إليه .. ويتحرر جسدي الذاوي من الخوف والقلق .. من هذه الاضطرابات النفسية  .. التي تسعر في جسدي المتهالك .
المعلم 3 : عهدي بك قويا يا معلمي الكبير .. أنت شديد المراس  في مواجهة الأمور العصيبة و لن تركع أمام الخوف أو دونه .. ولن تستسلم للمصائب بسهولة .
المدير: بالأمس كنت قويا يا ولدي .. لكن الآن .. احترق رأسي شيبا ..صرت ضعيفا  ولا أستطيع مواجهة مثل هذا الأمر.. يا أستاذ .. حان وقت القطاف ..كن على يقين ..إن نهايتي دانية ..وأود أن أقول لك بكل صراحة .. إن في كل عصر .. تحتاج  أمتنا العريقة إلى ذبيح .. وفي هذا العصر الراهن أنا ذبيحها .. اذكر ذلك للآخرين لما يلف الحبل حول رقبتي وجثتي تتدلى من سقف غرفة الادارة .. أو يطلق عليَّ الرصاص في هذا الفناء .  
المعلم 3: ( يغير صوته ، يقلد المدير في شبابه  ويوحي أنه يتحدث مع فتى ) كن قويا ولا تخف من شيء لاوجود له .. إلا في نفسك  ياولدي ..( يعود لنفسه)  أهو كان قولا حقا أم كان باطلا .. أخبرني يا معلمي ..هل كنت تسخر مني يومها ؟
المدير : ( تداعي )  كن قويا ولا تخف من شيء لاوجود له إلا في نفسك يا ولدي  ( يقترب من المعلم 3) خذ هذه الملابس الجديدة التي اقتنيتها لك خصيصا يا ولدي.. واحم جسدك من هذا البرد القارس .. خذ هذه الهدية مني و أرحني بها من الألم .
المعلم 3 : (  يجسد شخصية تلميذ) أنا لا أتقبلها منك .. أرجوك أتوسل اليك .. اعطها لغيري من التلاميذ  من هو أكثر فقرا مني .
المدير : لم أر فيهم من هو أكثر فقرا منك .. خذها وارحم نفسك من قسوة الشتاء .. خذها يا ولدي وارحم فؤادي من الحزن .
المعلم 3: قسوة الشتاء ..عندي ارحم من سخرية زملائي التلاميذ .. ومن قسوة المهانة التي سترافقني العمر كله ( يبتعد عنه قليلا ) ممكن أن أتحمل الجوع والبرد عمري كله.. لكن لا أستطيع أن أتحمل الذل والمهانة لحظة .. لا لا يا أستاذ .. أنا أفضل الموت ولا أعيش لحظة بلا كرامة .. ما قيمة الإنسان بلا كرامة .
المدير : ( يقترب منه ببطء ،يمسكه من كتفيه من الخلف ) عمري ما سخرت من أحد يا ولدي .. أنا أحبك بقدر ما أحب أولادي .. كنت  حين أراك ترتجف من البرد .. أبكي في سري .
المعلم3: هكذا .. اكتسبت الأخلاق الحميدة  منك .. وتعلمت الاستمرار في النجاح والرغبة في الحياة الكريمة .. يكفيني فخرا انك  معلمي  ..انك علمتني أسمى المبادئ والقيم .
المدير: ( يتحدث في نفسه)  أنا في غاية الحيرة من أمري .. قد جاس القنوط  أعماق روحي ..ولاذ بأحلام مزيفة .. وآمال كاذبة .. وانتهى أمري .. وما عليَّ إلا أن أهيأ نفسي كأي ثور أو خروف أو تيس  للذبح .. أو الرحيل إلى الهاوية  ( يلتف نحو المعلم ) ..يا بني ..أنا في دوامة لا قرار لها .. فلا تتخلى عني .. ما أحوجني إلى وقفتك معي .. لتشد من أزري في مواجهة هذه اللحظة العصيبة .
المعلم 3: أنا لن أتخلى عنك أبدا .. أنت كنت  ولا زلت .. تاج فوق رأسي يا معلمي .. أنا لن أنكر فضل تربيتك وتعليمك  ..ولن أقدر أن أنسى ما أعطيتني من حب وعلم ومبادئ سامية  .. انك انتشلني من الظلام إلى النور .. وعلمتني بالأمس ..كيف أصرخ بوجه الظلم والجور .. وأقول للطغاة ( يصرخ بقسوة).. لا ..لا .. لا .
المدير : تلك أيام قد خلت يا ولدي .. أما الآن .. النهار مسكون بالخوف .. يموت هلعا من تلك الأنباء الموحشة ..الحدائق المقفرة ..والأزقة الباردة ..والطرقات الخالية .. كلها مظلمة وحزينة .. وأنا والنهر نذرف الدمع بصمت .. ونبتسم في الوجوه الحزينة .
المعلم 3: *( كن عزيزا .. وإياك أن تنحني مهما كان الأمر ضروريا .. فربما لا تأتيك الفرصة كي ترفع رأسك مرة أخرى ).
المدير : ماكنت أحسب أن العاصفة تأتي بغتة .. وتشرذم كل حساباتي .. وتجعلني ضائعا بين قراراتي وآرائي .
المعلم : لم ينتهي الوقت بعد .. إياك أن تضعف .. وتفقد عمرك المفعم بالمجد والكبرياء في لحظة مريرة .. الشجاعة صبر ساعة يا معلمي  .. فلا تستسلم .. وتدخل مملكة الأموات .
المدير : أنا كبرت ومضت عني ثورة الشباب .. ليس بمقدرتي مواجهته .. لا أستطيع أن أقول له .. إن المعلمين لا يريدون مقابلتك .. ولا ينحنون لك أمام تلاميذهم  ..ماذا سيكون مصيري .. هل تعتقد يفهم وجهة نظري .. ويغفر لي زلة لساني ويرحمني .. ويسامحني .. أم يضربني بالنار والحديد لأكون عبرة لغيري .. يا ولدي ..اني أخاف من تلك اللحظة .. أخاف إذا انفجر بركان الغضب في وجهي .. فلا مكان يسعني ولا مقام يؤويني .. وكل الكائنات تتبرأ مني .
المعلم : نحن كلنا معك .. مصيرنا و مصيرك واحد .. لن نتخلى عنك .. سنقف خلفك ونرفع رؤوسنا عاليا .. ولن ننحي لجلالته أمام أعين صغارنا التلاميذ .. ولتتدلى رؤوسنا من بعد ذلك من حبال المشانق .. نحن رسالتنا واضحة وضوح الشمس ..لانزرع الذل والانكسار في عقول تلاميذنا  ولا نزرع الطغاة  لهم أبدا .
المدير: أنا أراك الآن قويا وشجاعا ومقداما .. واجهه بدلا عني.. وأنت حر بكل ما تريد أن تقوله لجلالته .
المعلم3 : نعم  يا أستاذ .. أنا أعرف نفسي جيدا في المهمات الصعبة  .. ثق سأواجه الموت بدلا عنك .. وسترى ذلك بعد حين .. لكن لا أستطيع  أن أكون بدلا منك أمام جلالته .. أنت أحق مني بشرف الوقوف أمامه .. أنت معلمنا الكبير ومديرنا و قدوتنا .. أنت كبرياؤنا وكرامتنا ..وكلنا دونك لا قيمة لنا .
المدير : ( يبتعد عنه  .. يتحدث في نفسه ) يا ربِ  .. هناك جوع للكلام.. وجوع  للبكاء ..وجوع لأشياء أخرى في محرابك  ..عسى أن تنقذني مما أنا فيه .. أو تجعل لي مخرجا .. ينقذني من هذه الأزمة الرهيبة  .. يا رب .. أنا في النداء الأخير  .. في نهاية المطاف .. من تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر .. أرى قدوم زائر الموت بكل هواجسه المرعبة  .. والريح يعصف أمواج البحر وبعض مني ..يقرع باب الفناء المقفل بمزاليج الرهبة .. يأخذني من يدي إلى عوالم غريبة  .. لم أرها من قبل ولم تطؤها قدمي .. هناك يسجنني في قبو صغير مظلم  .. ويأمر حارس البوابة  .. أنه لن يسمح لي بالخروج والدخول بكل وقت .
                                             
                                                    (2)
المنظر ذاته .
المدير : ( المعلم 3 جالسا على الكرسي ) يا أستاذ كل السبل التي تأملت فها مسدودة  .. وكل المنافذ مغلقة ..  أرهقتني منذ الصغر بعنادك الذي لا مبرر له  .. لا تركب رأسك يا بني و....
المعلم 3: ( يقاطعه ) أستاذ
المدير : لا تقاطعني .. دعني أكمل .. إذا اردت أن تغامر.. فعليك أن  تغامر بشيء يخصك لوحدك ..أما أن تغامر بمصير زوجتك وأولادك وتلقي نفسك الى التهلك  وتنهيها كما تحب .. فهذا ليس من حقك يا محترم .
المعلم : ( ينهض من الكرسي ) أنا أدافع عن حقي وشرف مهنتي وكرامتي .. وحقوق التلاميذ  وعن حق المدرسة .
المدير: وزوجتك وأولادك .. أليس لهم عليك حقا ؟.
المعلم 3 : وهل يرضوا أن يعيشوا مع انسان بلا كرامة .
المدير: يا أستاذ فكر فيهم  قبل أن تفكر في نفسك .
المعلم3 : وكرامتي .
المدير : كرامتك في الحفظ والصون ..وعليك أن تعلم علم اليقين ..طالما أنت إنسان محترم .. لا أحد يتجاوز عليك ويحط من كرامتك تحت الأقدام .
المعلم 3: ما الفائدة من حفظها أو عدم حفظها .. وهو يريد أن يسلبها مني .. أن ينتزعها من روحي .. ويجعلني أعيش دونها  كأي حيوان .
المدير: من تقصد يا استاذ؟.
المعلم 3: كائنا ما كان ..انسان ما .
المدير : ( يفهم ما يقصد) آ .. أنت واهم يا أستاذ .. ليس كل ما تراه حقيقة .. الحقيقة دائما .. تكمن خلف ما يرى الإنسان لا كما يرى أمامه .. احساسك ليس في محله ..راجع نفسك قبل فوات الأوان .. لا تركب رأسك يا بني .. أنا أخاف عليك من تلك الروائح النتنة التي تهب من ذاك المنعطف الميت  ( يقترب منه ) عليك أن تأخذ حذرك .. حين تتحدث معي أو مع غيري من الناس بمثل هذه الأحاديث .. التي تكون عواقبها وخيمة جدا عليك .. ولا تغامر كما غامر أولئك الذين تدلت رقابهم من حبال المشانق وخسروا انفسهم .
المعلم 3: لا تخشى عليَّ يا معلمي .. أنا تلميذك .. كن على يقين  أن هناك أمر خطير جدا .. إذا أردت إفساد إمة .. فأجعل معلميها أذلة .. وهو يريد ذلك .. يريد اذلالنا وإفسادها.. سأدون للآتين اللحظة .. أدون لهم أن كل الذين أتوا والذين يأتون بعدهم ذيول وخونة ..وجميعهم كاذبون وفاسقون .. يسرقون الربيع من الفصول ويطرحون القطيع في مملكة الأموات.. وأدون لهم ما رأيت بالأمس واليوم  .. أنا رأيت كل شيء .. رأيت العاصفة لحظة الهبوب ..ورأيت الأشجار والأطفال والنساء ..كيف تطير الى السماء من شدة الحاجة والجوع .. ويزف الشباب إلى المقبرة ..بوجوه مقمرة ..واستمعت الى سيمفونية النحيب ..وحفظت عن ظهر قلب ..ضياع الوطن بإبرام المعاهدات الذليلة  وتصفية المعارضة .
المدير:  بني رحماك من هذا الكلام الخطير  .. إنه واضح جدا .. عد إلى رشدك .
المعلم 3: أنا لن أعود إليه فكل الأبواب مقفلة ..وكل الطرقات مسدودة بيننا ..لا خيار عندي .. إما الموت بكرامة  أو حياة حافلة بالعز  ..وأعلم يا معلمي النبيل ..أن مَن يموت من أجل قضيته ..يعيش خالدا أبدا.
المدير : كلام حق يراد به باطل .. يالك من رجل مراوغ  .
المعلم 3:هل أنا حقا مراوغ  ؟
المدير : نعم  ..بدليل إنك ملت عن جادة الصواب .. وانحرفت عن العدل .
المعلم 3 :قومني نحو الصواب .. وزدني علما يا معلمي .
المدير : عليك أن تفكر بالآخرين بقدر ما تفكر بنفسك وبقضيتك  وخلودك .. هلا فكرت أين يكون أولادك بعد رحيلك .. ما مصيرهم .. من الذي يتولى رعايتهم وارشادهم ؟ يا أستاذ حين  تجد الجواب .. وتعلم أين يكون مصيرهم .. ومن الذي يقوم برعايتهم وارشادهم بعد رحيلك ..قف أمامي وحدثني بما تشتهي نفسك .
المعلم 3: وآه .. هذا العالم لا يسع أحلامي ..أيوجد هناك بيتا تستقر فيه ؟ .. كل عمري غريق في الهموم والمعاناة .. وأنا طائر في مهب الريح.. اجري في البحر وفوق التراب وفي النار بلا مقام .. بلا ما كان ولا زمان ..وكنت أحلم بطلوع الفجر من أول دمعة ذل وصرخة جوع .. ولفحة سموم وقرصة برد.. يا ظلام الليل ..ألا تنجلي بصبح مشرق ..لنرتدي ثياب الكبرياء  ونقف هنا .. في فناء المدرسة  وهناك في ساحات المحافل  أحرارا .. نتنفس الهواء بلا قيد ولا اضطهاد.. ننشر والوعي والتعليم بمحاضراتنا ..ونخرج البلاد والعباد من عنق زجاجة الجهل والظلام .
المدير : بل مرعب ومتناقض هذا العالم الذي لا يسع أحلامك ..فالطائر ذو الريش الأسود والعين الواحدة .. يقيم في كل مكان .. يرمي سمومه في المدرسة والشارع والمحفل والمقهى والبيت ودور العبادة  .. وفوق جميع الكراسي ..الخشبية والذهبية والبلاستيكية  .. ويهدم الانسان .. يجرده من قيمه ومبادئه ويلغي تاريخه ويحقنه بكل شيء مزيف حتى اسمه  ..من أجل السيطرة عليه واستعباده ..ويجعله مطية لإرادته .. أنا أحس به .. يطاردنا حتى في المنام  .. وهم مشغولون بصناعة الأصنام  والدفاع عن شرف القبيلة .. وهم نيام .. نيام .. نيام .

                                 (3 )
المنظر ذاته .
يقف معلمو المدرسة في جهة والمدير في الجهة الأخرى  
المعلمون : يا مديرنا القدير .. نحن لا نحب أن نكون كما كنا قبل سنين عبيدا باسم الدين .. ضعفاء عاجزين .. كان يقودنا الذي وضعنا في كهف مظلم بعيد عن الحضارة والتحضر .. إنه لم يفهمنا ولم يراعي مشاعرنا  ..بقدر ما كان يمص خيراتنا ودماءنا.. ولا كما يريد مولانا أن نكون في الزمن الآتي .. تبعية للغير أو بيده أدوات .. ليتركنا نربي الأجيال الناشئة  ونعلمهم .. ونعدهم  لحمل رسالة الوطن .. من أجل مستقبل زاهر .. نحن سائرون بخطى منتظمة باتجاه المجد  .. فلا تحدنا المعوقات ولا يوقفنا الظلم والجور .
المدير : يا أساتذة  يا كرام .. إنكم متمسكون بما ترغبون ولا تعرفون ما سيكون .. إنكم مندفعون ولا تأبهون إلا بما يخصكم دون سواكم  .. شباب مندفعون لا ترحمون حتى نفسكم .
المعلمون : نحن ماضون في سبيلنا ..نصنع تاريخنا المشرف بأيدينا ونعرف  أين يؤول إليه مصيرنا .. نحن نؤمن أن الجهل ظلام دامس .. ووباء قاتل يفتك بالناس ..والعلم نور ساطع  .. يجعل الناس تعيش بمحبة وسلام .
المدير : أحييكم على اصراركم وتمسككم  .. وأعلموا أنا واحد منكم .. وأكون معكم  .. لأقدم دمي ورحي فداء لقضيتكم ..  إذا وقفتم  وقفت رجل واحد  في وجه ملك جائر .. لا ملك نبيل كملكنا المعظم .
المعلم1: (يتقدم ثم  يقف أمام المعلمين ) نحن لم نقف في وجهه  بطرا وأشرا .. نحن نريد أن نحافظ على كرامتنا  .. ولا نريد الإساءة لشخصه الكريم .. نحن طلاب حق ودعاة خير وليسوا بغاة .
المدير: وهل انحناءكم له فيه مذلة ومهانة  يا أساتذة .
المعلم2: إذا كان الانحناء في مكان عملنا  وبين تلاميذنا نقولها  بملء أفواهنا ..
المعلمون : نعم ..
المعلم2 : وزيارته لنا دمار وليست بناء .
المدير : ألا تخافون من تبعات ذلك .
المعلم3 : نعم  يا أستاذ .. نحن نخاف كثيرا .. إن انحنينا له نكون صغارا في أعين تلاميذنا  .. وإن فعلنا ذلك ، إنهم لا يحترموننا.. وإن لم يحترموننا  ..قد فقدنا هويتنا .. وكنا مربين ومعلمين فاشلين .. وهذا  منافيا لرسالتنا التي نعيش من أجلها .
المدير : دعوني أفكر بالأمر يا زملائي ..
المعلمون : فكر ..فكر ..فكر أي حال مزر ينتظرنا .. يحتضن حياتنا ..يجعلنا نفقد القناعة واليقين بكل ما يدور حولنا .. يجردنا من انسانيتنا ويجعلنا أكثر وحشية .
                                           ( 4)
في أعلى العمق ، يقف الملك على منصة باب الدخول ذات السلالم الثلاث وخلفه عن بعد مرافقه والشرطة .. يقف المدير وخلفه المعلمين ..( موسيقى )  يتقدم اصغر تلميذ إلى الملك بباقة من الزهور ثم يختفي.
المدير : ( يتقدم ثم يقف أمام الملك) حضرة صاحب الجلالة .. ملك  البلاد المعظم .. باسمي .. أنا مدير مدرسة الوطن للبنين ..وباسم زملائي المعلمين  .. وباسم تلاميذنا .. لك منا صادق الولاء والانتماء .. فأهلا وسهلا ومرحبا بقدومك يا سيدي  .. ولكن ..  ولكن .. استميحك عذرا يا سيدي الملك المفدى  .. فأنا أحمل لجلالتكم .. رسالة  معلمو المدرسة  .. عدم رغبتهم .. عدم رغبتهم .. بالانحناء لجلالتكم الموقرة .. مخافة أن يصغروا في أعين تلاميذهم .. أطال الله في عمركم وأمدكم بموفور .
( المرافق يهم بالتوجه الى المدير يرفع الملك يده  يعود المرافق الى مكانه .. موسيقى ..)
الملك : أيها المعلمون .. لا أحد منكم ينحني لي  .. محبتي لكم .. أنا أشعر بفرح غامر لوجودي معكم  .. فأنتم بناة  الوطن الذي أريد أن اجعل منه جنائن معلقة يراها العالم كله.
                  ( ينحني جلالة الملك المعظم أمام المعلمين ثم يخرج )
المدير : (يستدير على المنصة ) تلك هي صفة العظماء .. ينحنون إلى تلاميذهم في كل مكان وزمان .

                                               اظلام  
                                            29\12\2017
* من أقوال شيخ المجاهدين .. عمر المختار .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسرحية : المعلمون يا جلالة الملك المعظم .. تاليف الاديب الراحل حامد الزبيدي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي شباب المسرح :: منتدي مسرح جامعه النهضه-
انتقل الى: