ظلموني
يا ربّ ظلموني ….يحفرون القبر ويقيسونه بأصغر أشبارهم ويصلّون عليّ ويدعون لي بأن تجعله لي روضة من رياض الجنّة …يضغطون على جثّتي لتحتلّ مكانها من القبر الضيّق ثمّ يحثون على التّراب شماتة والأبشع من ذلك أنّهم يغسلون أيديهم فوق قبري طلبا للرّحمة …تولّ ياربّ الظالمين
يا ربّ تمنوا لي الموت عندما كنت معهم وسبوا نسائي وأسروا أولادي وأهلي وتسلّطوا على خبزي وحفروا حول داري خندقا وعربدوا وقهقهوا ثمّ لمّا متّ اصطفوا بكلّ أدب وخشوع يتصنّعون الورع ويتقبّلون العزاء في مصابهم …تولّ يا ربّ الظّالمين
يا ربّ عندما كنت أمشي بينهم بصقوا على وجهي ووصفوني بأبشع النّعوت وقالوا هذا ليس ابن ابيه ثمّ لمّا دفنوني وعادوا طلبوا صوري وبكوا عليّ دموعا غزيرة …فتولّ يا ربّ الظّالمين
يا ربّ سمعتهم بأذنيّ يسبّون الجلالة ويتبادلون النّكت عن الخلق والجنّة والنّار والحضرة الإلهيّة ثمّ سمعتهم وهم على قبري يتهامسون بالمواعظ والعبر وسمعت نشيج بعض كفّارهم زاعما أنّ العين التي لا تدمع أولى بها ان تخرم بالسّهم …تولّ يا رب الظّالمين
يا ربّ درّس بعضهم بعضهم القرآن والحديث وأخبار الأمم واشتروا بدرسهم ثمنا قليلا ولكنّهم سبوا أنفسهم على قبري وهم لا يعلمون .ولعنوا انسفهم وتحاسدوا على الوقوف في الصّف الاوّل… اللهم ياربّ العن الظالمين الواقفين في الصفّ الأوّل والواقفين في الصفّ الأخير .
ولمّا اندثر ذكري وذكر من دفن معي قرّروا تحطيم أسوار المقبرة وأعادوا نبش القبور وهم يسبّون الاوّلين والآخرين ويعربدون مع الغواني في الليل ويتبادلون الأنخاب على الارض التي كانوا يقدّسونها وينزعزن الأحذية لدخولها…تولّ يا ربّ الظالمين
ولمّا قمت من القبر في اليوم الموعود كذّبوا الكتاب وسفّهوا الرّوايات ورجموني وتزيّد عليّ المتزيّدون …فهل أنا يا ربّ سفيه؟.