منتدي شباب المسرح
عزيزي الزائر انت غير مسجل لدينا.سجل حتي تتمكن من مشاهدة كل الأقسام ..اقسام الأفلام والأغاني و الموسيقى وكل المواضيع(التسجيل يأخذاقل من 30 ثانية)
منتدي شباب المسرح
عزيزي الزائر انت غير مسجل لدينا.سجل حتي تتمكن من مشاهدة كل الأقسام ..اقسام الأفلام والأغاني و الموسيقى وكل المواضيع(التسجيل يأخذاقل من 30 ثانية)
منتدي شباب المسرح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي شباب المسرح


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 سفراء النبيِّ إلى الجنَّة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ايوب الغرام
عضو مهم داخل المنتدى
عضو مهم داخل المنتدى
ايوب الغرام


عدد الرسائل : 101
عدد نقاط نشاطك في المنتدي : 82472
تاريخ التسجيل : 20/11/2009

سفراء النبيِّ إلى الجنَّة Empty
مُساهمةموضوع: سفراء النبيِّ إلى الجنَّة   سفراء النبيِّ إلى الجنَّة Emptyالجمعة 21 يناير - 19:40

سفراء النبيِّ إلى الجنَّة

(أ ـ موضوع المسرحية وزمانها ومكانها‏

بعث رسول الله ( الحارث بن عمير الأزدي إلى شرحبيل بن عمرو الغساني بكتاب يدعوه فيه إلى الإسلام، وكان شرحبيل حاكم بُصرى وتابعاً لملك الروم، فقيَّد السفير، وضرب عنقه.‏

ردّ الرسول ( على جريمة شرحبيل بحملة من ثلاثة آلاف رجل، أمَّر عليهم مولاه زيد بن حارثة، وقال في توديعه المجاهدين: "إن أُصيب زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أُصيب فعبدُ الله بن رواحة".‏

نزل الجيش في مَعَان، وبلغ قيادتَهُ أن هرقل في البلقاء على رأس مائة ألف من الروم، ومائة ألف من العرب الموالين للروم من لخم وجذام وبلقين والبهراء وبلي.‏

بعد أن التقى الجمعان غير المتكافئين استشهد ثلاثة القادة واحداً بعد واحد، فتولّى خالد بن الوليد القيادة وانسحب بالجيش.‏

والحوارُ التالي يصوّر المشاهد الأخيرة من هذه الملحمة.‏

ب ـ أشخاصها:‏

1. زيد بن حارثة مولى رسول الله (.‏

2. جعفر بن أبي طالب ابن عم النبي.‏

3. عبد اله بن رواحة شاعر من شعراء النبي.‏

4. خالد بن الوليد مجاهد من أغمار الجند لا قائد.‏

5. عبّاد بن قيس عين الجيش الإسلامي على جيش الروم.‏

6. جند وجرى ومضمِّدون.‏

المشهد الأول‏

® (خيمة كبيرة، تظهر فوق أستارها المرفوعة بأعمدةٍ م خشب وجذوع أشجارٍ، أسلحةٌ من سيوف ورماح. وإلى جوارهما خالد بن الوليد ونفر من الأنصار والمهاجرين. يدخل الخيمة جعفر بن أبي طالب، ويُنقّل عينيه بين أطراف الخيمة وثمار الأشجار اليانعة).‏

جعفر: التينُ والزيتونُ والأعنابُ في (مَعَانْ) دانيةُ الجَنَى لكلِّ جان‏

أنحن في الميدانِ يا زيدُ أم الجنان؟‏

زيد: لو كانت الجنّةُ كالوارفِ في مَعانَ والبلقاءْ أو جِلِّقَ الفيحاءْ‏

ما حنّتِ الأرضُ إلى السَّماء‏

ولا هفتْ قلوبُنا شوقاً إلى اللقاءْ‏

جعفر: لقاءِ مَنْ؟ قيصرَ أو رضوانْ؟‏

زيد: إن اللقاء بهما سِيّانْ.‏

جعفر: سيانِ؟ قُلْ: شتَّانَ ما بينهما شتّان!‏

أين لقاءُ العِلج مِن لقاء مَنْ يُفضي إلى الجنان؟‏

زيد: لقاءُ عِلْجِ الرومْ‏

دربٌ لما تَرومً‏

وسُلَّمٌ، يصعدُه الشهيدُ كي يعانق النجومْ‏

حينئذٍ يخترقُ المكانَ والزمانْ‏

إلى جِنان الخُلْد في ثوانْ‏

(عبد الله بن رواحة يلصق خدّه بالأرض، طالباً ممّن حوله أن يلزموا الصمت بإشارات متعاقبة، وعلى وجهه مخايلُ القلق).‏

جعفر: ما الأمرُ عبدَ اللهِ؟‏

وَقْعُ فرسٍ يجري على الهضابْ‏

يا خالدُ انظرْ‏

(يُخرج خالد بن الوليد رأسَه من باب الخيمة مستطلعاً)‏

خالد: لستُ أرى إلاَّ ذيولَ الريحِ والسرابْ‏

عبد الله: (وخدُّه على الأرض): يا ابنَ الوليدِ انظرْ بعينِ هُدْهُدٍ يخترق الترابْ أو عينِ صقرٍ، تنطوي في هُدْبها السماءْ‏

عبد الله: (بعد لحظات من الصمت) أسمعه يشتدُّ، أو يُمْعنُ في الجري والاقتراب‏

جعفر: يا ابنَ رواحةَ، الصَّدَى يُصافحُ الأطنابْ‏

(جعفر يخرج من الخيمة وينضمّ إلى خالد)‏

خالد: أرى عَجاجاً ثائراً‏

وفارساً يجري على جوادْ‏

عبد الله: يا ابنَ الوليد، انظرْ، أذا عبَّادْ؟‏

أم فارسٌ، يسوقُه الشوقُ إلى الجهادْ؟‏

خالد: أظنُّه ابنَ قومك الخزرجِ، يجتاحُ مدى البيداءْ‏

عبد الله: (يخرج من الخيمة ويستقبل الفارس بعينين ممشوقتين) يسابقُ الرياحَ والأصداءْ‏

خالد: نَعَمْ، هو ابنُ قيسٍ العينُ التي لا تعرفُ الرقادْ‏

عبد الله: لعلَّه أبصرَ ما يكيدُه الأعداءْ‏

فعاد من مَرْبَئه كالنيزكِ الوقّادْ‏

يفضحُ ما يُحاكُ من مكرٍ، وما يُكادْ‏

عبّاد بن قيس: (وهو ينزل عن فرسه متقطِّعَ الأنفاس): جعفرُ، عبدَ الله، أين القائدُ ابنُ حارثة؟‏

زيد: (وهو يخرج من الخيمة)‏

ويلَكَ ما رأيْتَ في البلقاءِ؟‏

عبّاد: إعصاراً يحوكُ كارثة‏

رأيتُ جيشينِ من الرومانِ والأعرابْ‏

غابَيْنِ من لوامعِ السيوفِ والرماحِ والحراب وراءَ هذا التلّ من عجلونَ والسَّلْطِ إلى مُؤابْ‏

زيدك كم حَشَدَ الجمعانِ من سيوفْ؟‏

عبّاد: أعيانيَ الحصر لما أبصرت من زحوف‏

كأنها الجرادُ إذْ تقذفُه نجد أو الهفوف‏

زيد: أما سألت عنهمُ؟‏

عباد: بلى، سألتُ القومَ في خفَاءْ‏

فأظهروا ما أضمروا، وانكشفَ الغطاءْ‏

عن شَرَكٍ، ينصبهُ للمسلمين الشِّرْكُ والدهاءْ‏

هُمْ مِئتا ألفٍ‏

زيد: وممّن هذه الألوفْ؟‏

عبّاد: الرومُ شَطْرُ القوم، والشطر من البهراءْ‏

ومن بني القَيْن، ولخم، وجذام، وبليّ‏

تموَّجوا كالبحر كالطوفان كالسيلِ العتيّ‏

زيد: ومَنْ على الأعرابِ؟‏

عبّاد: عِفريتُ، يُسمَّى مالكَ بن رافلة‏

يرفلُ تحت راية البغي أمامَ القافلةْ‏

مُباهياً بالغدر والمروقِ‏

زيد: يا ويلَ الشقيّ!‏

زيد: (بعد تأمّل وتجوّل أمام الخيمة، وبعد دخوله الخيمة مع صحبه) ما الرأيُ يا قومُ؟‏

ومن يدرأُ تلك النازلَة؟‏

جعفر: نحن هنا القادةُ، فلنعالجِ الأمر العَصِيّ‏

خالد: (وهو يهمّ بالخروج من الخيمة):‏

أَمْضي إذنْ، فلستُ إلاَّ أحدَ الأجنادِ‏

زيد: لا تمضِ، إن الرأي للأجناد والقوادِ‏

أنت منَ القادةِ‏

جعفر فلنكتبْ بهذا النبيّ‏

ثلاثةُ الآلاف من جنودِنا تضيعُ في اللقاءْ‏

في مئتيْ ألفٍ كما الهباءُ في الفضاءْ‏

أو حفنةُ الحصى إذا طَغَتْ عليها موجةُ من ماءْ‏

عبد الله: بأيّ شيءٍ أمر النبيُّ؟‏

خالد: إني أذكرُ‏

أَمَّرَ زيداً‏

عبد الله: فهو بالإمرة منا أجدرُ‏

خالد: وقال: إنْ أُصيبَ زيدٌ فالأميرُ جعفرُ‏

عبد الله: وإن أصيب جعفرٌ؟‏

خالد: فابنُ رواحةَ الذي يُؤمِّرْ‏

جعفر: لكنه قال الذي قال، ولم يشاهدِ الحشودْ‏

ولو رآها تملأُ الشعابَ والجنودْ‏

قال لنا: عودوا إلى الحجاز بالجنودْ‏

عبد الله: أخطأتَ يا جعفرُ، قد رآها‏

بمقلتيْ جبريلَ رأيَ العينِ من بعيدٍ‏

لقد رآها قبل أن يحشدَها ربّاها‏

جعفر: وما الدليلُ؟‏

عبد الله: دُولةُ اللواءْ‏

توارثُ الرايةِ إنْ حُمَّ على حامِلِها القضاءْ‏

خالد: أما تساءلتَ: لماذا وُلِّيَ القادةُ بالتوالي؟‏

جعفر: بلى، ولكنْ لم أجدْ ردّاً على سؤالي‏

خالد: هل أَمَّرَ النبيُّ قبل هذه الغزوة غيرَ واحدِ؟‏

جعفر: لا، لا‏

خالد: فما تأويلُ أن تقودَنا من بعد موتِ القائِد؟‏

جعفر: لعلّهُ أن يَشْفعَ منّا ساعداً بساعِدِ‏

عبد الله: أيشفعُ الميِّتَ بالحيِّ؟‏

جعفر: وكيفَ؟‏

خالد: (مشيراً إلى جعفر) ما وعى مقالي‏

(ثم متجهاً إلى عبد الله) بشّره عبدَ اللهِ‏

عبد الله: أَبْشِرْ إنها الشهادةْ‏

ثم مشيراً إلى جعفر وزيد):‏

تضيءُ في رقابنا الثلاثِ كالقلادةْ‏

خالد: يا ليتني الرابعُ كي أظفر بالجنة، لا القيادةْ‏

عبد الله: لا تَأْسَ، فالنبيُّ لا يجهلُ فضلَ خالدِ‏

ولا متى يكون خيرَ رائدِ‏

فسيفُه مُدَّخَرٌ للخُلْدِ والريادَةْ‏

خالد: كلُّ خلود بائدٌ إلاَّ خلودَ الجَنَّةْ‏

تقودُنا إلى حِماه الخيلُ والأعنَّةْ‏

إنْ لم أفُزْ ففيمَ حَمْلي السيوفَ البيض والأسنةْ؟‏

فهي الخلود الحقُّ والسعادَةْ‏

عبد الله: من يشتعلْ بمثل هذا الشوق فهو بالغٌ مُرادَهْ‏

خالد: (بعد لحظات من الصمت ونظر مُتحيّر إلى زيد):‏

مالك يا زيدُ؟‏

أراك واجماً‏

أضائقُ الصدرِ بما تسمعُ مني أم تراني واهماً؟‏

زيد: لا ذا، ولا ذا، بل ذهْلتُ حالِما‏

خالد: تحلمُ بالمجدِ؟‏

زيد: نعمْ، برحلةٍ والنفسُ مطمئنَّةْ‏

حواركم قد أضرمَ الحنينَ حتى خِلْتُني أسيرْ‏

في كنفِ الفِرْدوسِ، والعبيرُ من جراحتي يفورْ‏

تلثُمه لثم الفراش للندى العذْب شفاهُ الحورْ‏

جعفرُ، ما تظنني؟‏

أ زاعماً أم واهماً؟‏

جعفر: لا، لا أظنُّ‏

بل أرى كلَّ الذي صوَّرْتَهُ مُؤْتلقاً‏

أرى جناحيَّ يجوزانِ أُفُقاً فأفقا‏

أشتمُّ منها عَبَقاً ثرّاً، وأَحسو غَدَقا‏

فلننطلق غداً إلى الجهاد حتى شوطِه الأخيرْ‏

و(مؤتةُ) المضمارُ إنْ شقَّ الشعاعُ في السماءِ الفلقا.‏

المشهد الثاني‏

® (خيمة رابضة على رابية، تطلُّ على ميدان معركة، يُسمع من بعيدٍ صهيلُ خيول وصليلُ سيوف. في الخيمة رجال يضمِّدون جراح الجرحى من المسلمين. يدخل واحد من الجرحى)‏

أحدُ المضمدين: منذا الذي أدماكَ يا أنصاري؟‏

الأنصاري: عِلجان من خلفي، وعلجُ مرَّ عن يساري‏

نازلتهم بسيفيَ البتّارِ‏

أرديْتُ الاثنين بيُمنايَ‏

وباليُسرى اقتنصتُ الشاردا‏

خنقته، حتى رأيت الموت يغشاهُ، فخرَّ ساجاً‏

وحَزَّ وهو ساجدٌ بسيفه الرعديد هذا الساعدا‏

المضمّد: لله أنت بطلاً مجاهداً!!‏

نحرْتَ نعجتينِ من قطيعهم‏

ثم خنقْتَ الثالثةْ‏

الأنصاري: البطلُ الحقُّ الفتى ابنُ حارثهْ‏

أَجَلْ، أجلْ‏

هو البطلْ‏

كرَّ كرورَ السيل لا يَثْنيهِ وادٍ أو جبلْ‏

ورايةُ النبيّ فوقه تمورُ بالأملْ‏

وحوله غسانُ والرومانُ تحت غابةٍ من الأَسَلْ‏

المضمّد: يا للفتى!! ماذا فعلْ؟‏

الأنصاري: أرسل فليهم سيفه كالمِنجل المُرْسَل في السنابلْ‏

يحصدُ ما يقصدُ من هامٍ على الكواهلْ‏

المضمّد: وهل نجا من غابهم؟‏

الأنصاري: ما كرَّ كي ينجوَ أو يفوتْ‏

المضمّد: هل قتلوه؟‏

الأنصاري: بعد ما روَّع ألفَ قاتلْ‏

المضمّد: ورايةُ النبي؟‏

الأنصاري: قد بكتْ على زيدٍ بكاءَ ثاكلْ‏

المضمّد: وهل سَباها الرومُ؟‏

الأنصاري: لا، بل نهضتْ عن شِلْوهِ تُناضلْ‏

المضمّد: ويحك، قد بالغت‏

الأنصاري: لا!!‏

المضمّد: بالغتَ، أيُّ راية تقارعْ؟‏

الأنصاري: تلك التي يجعلُها رمحاً كمِيٌّ بارعْ‏

فهو بها من غير درع دارع‏

يَصْرَع، لا تثنيه عن غايته المَصَارع‏

المضمّد: من ذلك الكميُّ يا أوسيُّ؟‏

أ جعفرٌ؟‏

الأنصاري: نعمْ، مَضى كما مضى النبيُّ‏

براية الدعوة، وَهْوَ بالردى رضيُّ‏

(يدخل عبد الله بن رواحة، ويده نازفة الجرح)‏

عبد الله: إليَّ بالضمادِ‏

المضمّد: عَبْدَ اللهِ ما لكفِّكْ؟‏

عبد الله: جراحةٌ تنزفُ‏

المضمّد: لا تُرَعْ أخي بنزفكْ‏

وابسطْ يداً‏

ما انقبضتْ إلاَّ لكي تقبضَ جَمْرَ سيفكْ‏

لله أنت من فتىٍ في ساحة الجهاد مستميتِ!‏

ما هذه الإصبعُ؟‏

عبد الله: ضمِّدْها‏

وضمِّدْ فاك عن مدحيَ بالسكوتِ‏

فلو عراك ما عراني مِتَّ من خوفكَ حَتْفَ أَنفِكْ‏

المضمّد: أخفت عبدَ الله جيشَ الرومِ؟‏

عبد الله: خوفَ الطفل من عفريتِ‏

ثم غسلتُ القلب بالإيمان من هوانه المكبوتِ‏

فأصبح العفريتُ أوهى رهبةً من هُدْبة‏

في طرفِكْ‏

(وبعد أن يصمت عبد الله فترة وهو ينظر إلى يده المضمدة)‏

عبد الله: ما أنتِ إلا إصبعٌ دَميتِ‏

وفي سبيل الله ما لَقِيتِ‏

لم تُخلقي لخاتم من ذهب يبرقُ أو ياقوتِ‏

إنْ أنت لم تُبْقي على سيفيَ مسلولاً فلا بقيتِ‏

(يدخل الخيمة جريح آخر نازف الجرح، ويبسط يده الجريح إلى المضمّد، ثم يتجه إلى عبد الله بن رواحة).‏

الجريح: يسألُ عنك الجندُ عبدَ الهِ‏

عبد الله: عنّي سألوا؟‏

الجريح: نَعَمْ.‏

وقالوا: أنت بعد جعفرٍ قائدُهم والأمَلُ‏

عبد الله: وهل أصيبَ جعفرٌ؟‏

الجريح: إصابةً ينهدُّ منها جَبَلُ‏

لكنّه أَقْدَمَ‏

لا ينكصُ خزيانَ، ولا ينخذلُ‏

(يتجه الجريح نحو المضمّد، وهو يتحسَّسُ جنبه النازف)‏

الجريح: كأنَّ جنبي جنبُ شخصٍ ثانِ‏

عبد الله: (مقاطعاً): ويحك! ما أبصرت؟‏

الجريح: أبصرتُ الذي هوَّنَ ما أحتملُ‏

أبصرتهُ، أي: جعفراً‏

يشقُّ بالراية جُنْدِ الرومِ‏

شقَّ المِقَصِّ العَضْبِ للقرطاسِ، للأديمِ‏

عبد الله: ما فعلَ الرومُ؟‏

الجريح: أحاطوا بالفتى الوثّابِ‏

سوراً من الذئاب والحرابِ‏

عبد الله: أَلَم يُرَعْ؟‏

الجريح: بل راعَهُم بسيفهِ اللامع كالشهابِ‏

فانتثرتْ رؤوسهُم تناثرَ البُغاثِ من عُقابِ‏

عبد الله: كيف نجا؟‏

الجريح: لم ينجُ، بل أصيبَ، حُزَّ الساعدُ‏

حتى ارتمتْ يُمْناهُ من مرفقِها‏

وما ارتمى المجاهدُ‏

عبد الله: هل سَقَطتْ رايتُهُ؟‏

الجريح: بل بقيتْ تجالدُ‏

قد سقطتْ يُمناه فوق الأرضِ‏

واليسرى إلى السماءِ‏

صاعدةٌ برايةِ النبيِّ مثلَ الصّعْدِة السمراءِ‏

وعادتِ الزحوفُ بالسيوفِ‏

والذئابُ بالأنيابْ‏

لتفرس الفارسَ كي تمرّغَ الراية بالترابْ‏

عبد الله: أما انحنى؟‏

الجريح: لو انحنى بها انحنَتْ بهامِنا الرقابْ‏

عبد الله: أما انثنى؟‏

لو انثنى لنكصت بالأرجُلِ الأعقابْ‏

كرَّ على الزحوفِ والصفوفْ‏

وأشرسُ السيوفِ في طريقهِ‏

تطوفُ بالحتوفْ‏

عبد الله: ألم يخَفْ من الردى؟‏

الجريح: كيف يخافُ، وهو للردى أتى؟‏

ومنذُ ولاّه النبيُّ‏

والمنايا عنده هي المُنى‏

والأَلقُ القدسيُّ للجنّةِ‏

بين مُقلتيهِ قد زَهَا‏

ألا يخافُ الخوفُ أن يمرَّ بين هذه الطيوفْ؟‏

عبد الله: بلى، ولكنْ‏

أين من يُبلي بلاءَ جَعْفرْ؟‏

الجريح: صَبْراً أُبصّرْك بما أبلاهُ وهو أَبْتَرْ‏

بعد ارتماء ساعديه كادتِ الرايةُ أن تَحَدَّرْ‏

فشدَّها بالعَضُدينِ‏

فارتقتْ خفّاقةَ السُّجوفْ‏

عبد الله: بالعضدينِ!.‏

الجريح: قل بجُذْموريهما قد رفع الشراعْ‏

يخفقُ فوق لجةٍ من جيشنا الشجاعْ‏

فانقضَّ من ذئابهم أربعةٌ سراع‏

من أربع الجهاتِ كالسور إذا تدوَّرْ‏

أغمد كلُّ حاقد في صدره سلاحَهُ‏

عبد الله: يرحمه اللهُ!‏

الجريح: وقال حين فاضت روحُه: رَوَاحَهْ!!‏

عبد الله: أودَّعَ الحياةَ باسمي؟‏

ليس لي من بعدِ ذاك راحَهْ‏

(يشدُّ عبد الله يده السليمة على سيفه وهو مسرع في الخروج من خيمة الجرحى)‏

عبد الله: أقسمتُ يا نفسُ لتنزلنَّهْ‏

طائعةً، أوْ لا، لَتُكْرَهِنَّهْ‏

هل أنتِ إلا نطفةٌ في شنَّهْ‏

جعفرُ، ما أطيبَ ريح الجنّةْ!!‏

المضمّدُ: (مُتّجهاً إلى الجريح): ويلكَ‏

أرسلت الفتى إلى الردى‏

من بعد ما ريعَ، وما تردّدا‏

الجريح: أخرجته من حفرة الحيرة حتى يستبين الرَّشَدا‏

يَسْفُرُ‏

والنفسُ إلى سفارة النبيِّ مُطمئنَّةْ.‏

المشهد الثالث‏

® (خيمة شُدّت أطنابُها إلى جذوع نخل، وعُلقت على جدرانها وعلى جذامير السعف المقطوع سيوفٌ ودروع. خالد بن الوليد وعبّاد بن قيس والجريح الذي شجّع عبد الله بن رواحة في الخيمة).‏

عبّاد: (متجهاً إلى الجريح) مالك؟‏

مُذْ عُدْنا إلى تهامَةْ‏

منكسرَ الجفنين، تلوي عُنقاً وهامَهْ‏

كالمذنب الغارق في الندامة؟‏

الجريح: أَذكرُ عبدَ الله محمولاً على الأعناقِ‏

فأنثني‏

ألتمسُ العزاءَ في الإطراقِ والأشواقِ‏

كعاشقٍ مُفارقٍ‏

يصبو إلى التلاقي‏

خالد: أَقْصِرْ‏

فهذا هاجسُ من نفسك اللوّامَهْ‏

يرحمُه اللهُ‏

فقد أغار حيَّاً أحسنَ الإغارَةْ‏

الجريح: وميّتاً؟‏

خالد: كان سفيراً للنبيّ طاهرَ السّفارَةْ‏

لا تبكِ‏

فالمبكيُّ في جنته يرفلُ في النضارةْ‏

الجريح: ونحن في أجسادنا نصبو إلى انعتاقِ‏

عبّاد: أليست الجنة يا خالدُ من هذي الحياة أبقى؟‏

خالد: بلى،‏

وأرقى جوهراً وأنقى‏

عبّاد: فَلِمْ إِذن أنزلتني؟‏

وخلفَ عبدِ الله كدتُ أرقى؟‏

خالد: رأيتُ أن النصر في العودة لا التلاقي‏

فعدتُ بالجيش‏

وشوقُ الناسِ للجنة في الأحداقِ‏

عبّاد: من بعدما أخرجتُ سيفي العضبَ من قرابي‏

وقلتُ: يا رِجْلُ اثبتي في حلقة الركابِ‏

وقيل: أُوبوا‏

لم يكن بدٌّ من الإيابِ‏

خالد: عبّادُ ما الجهادْ؟‏

عبّاد: تضحيةٌ، فجنّةٌ تُرادْ‏

خالد: بينهما ثالثةٌ‏

يهفو إليها الجندُ والقُوّادْ‏

عبّاد: وما التي بينهما؟‏

خالد: شمسٌ تزيل غَبَشَ الضبابِ‏

عبّاد: ماذا عنيْتَ؟‏

خالد: حَمْلَنا النورَ إلى الأنامْ‏

ودمُك الزيتُ الذي يُوقَدُ كي يبدّد الظلامْ‏

أحرقْه في المصباحِ‏

لا تُرقه في الأقداح كالمُدام‏

ليستضيءَ بالسَّنى القدسيّ كلُّ جَبَلٍ ووادْ‏

عبّاد: هذا الذي أراده عبّاد!!‏

خالد: لا، لم يُردْ‏

أراد صبَّ الزيت في البطاح لا المصباحْ‏

لن أهرقَ الدم الذي سيصنعُ الصباح‏

أنقذتُه من نفسهِ‏

من سَوْرَة الجماحْ‏

الجريح: حرمْتَهُ الشهادةْ‏

خالد: لله، لا لي، هذه الإرادةْ‏

أرجأتُها للنصرِ‏

لليوم الذي تختارُه القيادةْ‏

حينئذٍ تصبو إلى الشهادةِ الأرواحْ‏

وتدرك الأمر الذي ترومْ‏

عبّاد: أينَ؟‏

خالد: بوادي النيل أو دجلة أو عند تخوم الرومْ‏

فكلُّ ما ذرّتْ عليه الشمسُ‏

أو أطلّتِ النجومْ‏

ساحٌ لنا فِساحْ‏

حتى يُظلَّ الكونَ كلَّ كوننا السماحْ‏

ويطرح الإنسانُ عن منكبه السلاح‏

ويعمرَ السلامُ كلَّ بقعةٍ‏

حرّرها الإسلامْ‏

من تُرَّهاتِ الشرْكِ والظلامْ‏

عبّاد: أيبلغُ الجهاد بالمؤمن كلَّ هذه الآفاق؟‏

خالد: نعمْ، ويروي كلَّ ما في القلب من أشواق‏

في عالم يَعْمُرُه الإيمانُ والأمان والوئام‏

عبّاد: وما الذي تفعل في عالمنا الشهادةْ؟‏

خالد: تشقُّ كلَّ طُرُقِ السعادة‏

بوجهها يحترقُ الأشرارُ كالشرارْ‏

مِنْ نسغها تُبَرْعم الأزهارُ في الأشجارْ‏

ودمُها يلوّن الخدودَ في الصغارْ‏

وصدرُها للسفراءِ جعفرٍ وصاحبيه دارْ‏

(تُطفأ أضواء المسرح مصباحاً إثر مصباح، وتُسْدَل الأستار إسدالاً بطيئاً، وعبّاد والجريح وخالد يرددون)‏

أقسمتُ يا نفسُ لتنزلنّهْ‏

طائعةً، أولاً، لتُكْرَهِنَّهْ‏

جعفرُ ما أطيبَ ريحَ الجنة!!‏

نؤمُّها والنفسُ مُطمئنّةْ
.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جميل
عضو مهم داخل المنتدى
عضو مهم داخل المنتدى
جميل


عدد الرسائل : 1316
عدد نقاط نشاطك في المنتدي : 88722
تاريخ التسجيل : 30/04/2009

سفراء النبيِّ إلى الجنَّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سفراء النبيِّ إلى الجنَّة   سفراء النبيِّ إلى الجنَّة Emptyالسبت 22 يناير - 9:45

جعفرُ ما أطيبَ ريحَ الجنة!!‏

نؤمُّها والنفسُ مُطمئنّةْ يا رب تجعلنا من صحبتهم تسلم يا ايوب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سفراء النبيِّ إلى الجنَّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي شباب المسرح :: منتدي مسرح جامعه النهضه-
انتقل الى: