لماذا لا تنتشر ثقافة المسرح ؟.. نفس الوجوه في كل العروض .. لماذا؟
تاريخ النشر: 4- 11- 2010
عين نيوز-خاص- من هبه جوهر/
تتنوع العروض المسرحية التي تقدم في الأردن ضمن الفعاليات التي تقيمها وزارة الثقافة والجهات المعنية بالشأن الثقافي والمسرحي، ويبدو واضحا الى كل من يذهب لحضور تلك المسرحيات أن جمهور المسرح لا بأس به، حيث تمتلىء مقاعد المسرح ويجلس اخرون بين الممرات لعدم وجود مقاعد فارغة،النظرة السريعة تلك تبشر أن جمهور المسرح في الأردن كبير ومرضي.
الا أن الامعان في النظر يكشف أن هذا الجمهور يتكرر مع كل عرض مسرحي ولا يتغير أو يتضاعف الا بشكل بسيط، وبالمزيد من التعمق تجد الوجوه هي نفسها تتكرر مع فعالية ثقافية مهما كان، مما يعني عدم انتشار ثقافة المسرح بين الأردنيين، ومفهوم “الثقافة للجميع” لم ينتشر بالشكل المطلوب على الصعيد المحلي بالرغم من تقديم أعمال ثقافية متعددة ضمن المهرجانات والفعاليات المختلفة.
“عين نيوز” بحثت عن أسباب هذا التأخر بالوصول الى الجمهور عامة وتحويل “المسرح” الى مكان ترتاده العائلات لكسب المعرفة والترفيه، وما الخطوات التي تمكننا من تحويل المسرح من ترف ثقافي يسعى نخبة من المثقفين على متابعته الى طقس من طقوس الحياة اليومية عند المواطنين من مختلف الفئات والطبقات والاتجاهات
المخرج المسرحي خليل نصيرات
أوضح المخرج المسرحي خليل نصيرات لـ “عين نيوز” أن أهم الأسباب التي تحد من انتشار ثقافة المسرح في المجتمع الأردني هو وجود الفضائيات والانترنت حيث تقدم هذه الوسائل برامج تفكر بالنيابة عن المواطن، اضافة الى وجود مواقع تأخذ عقل المواطن إلى فكرة”الكومنت” مثل الفيسبوك على الرغم من امكانية توظيفه لخدمة المسرح.
وأضاف هنالك أسباب تتعلق بالمجتمع من حيث عاداته وتقاليده ونظرته إلى المسرح كحالة من حالات الانفلات الأخلاقي كوقوف الممثل أو الممثلة على خشبة المسرح!!، وفيما يتعلق بالمسرحيين فان هنالك تقصير واضح وخلل كبير في بعض رؤاهم التي تقف عاجزة عن الرقي بالمشاهد المسرحي وملامسة همومه ومشاكله، فبعض العروض المسرحية توصف بـ”الطلاسم” من قبل المشاهد حيث يبذل جهدا خارقا لفك رموزها، ولعل التقصير الواضح هو من قبل المسرحيين الرواد أو الأوائل الذين لم يتركوا إرثا مسرحيا يستند عليه صناع المسرح ومواصلته، فاعتمدت عروضهم المسرحية على النصوص الغربية المترجمة إلى اللغة العربية الفصيحة، والملابس الأوروبية والأجواء الغريبة عن المشاهد.
وبين نصيرات أن محاولات المسرح الأردني اليوم تجذب المشاهد المسرحي إلى المسارح عبر احترام ذائقته الجمالية وعقليته، والتركيز على المادة الكوميدية الجادة وليس التهريج وبالتالي فان الجمهور المسرحي اليوم الذي يرتاد مسارحنا يبشر بثقافة مسرحية بدأت تنتشر في الحياة الاجتماعية الأردنية، وانتشار هذه الثقافة تحتاج الى الدعم من المؤسسات الرسمية والخاصة للمسرح، ودعم الجامعات للمسرح كأن يكون هناك مساق حر أو إلزامي في الجامعة يبشر بالثقافة المسرحية. متمنيا أن يكون وجود تخصص فنون في المدارس الثانوية يشمل الموسيقى والدراما والفن التشكيلي كما تخصص التجميل وانتاج الطعام
وأكد الدكتور مخلد الزيودي أستاذ في قسم الدراما في جامعة اليرموك ومخرج مسرحي أن أسباب عدم انتشار ثقافة المسرح تعود لأسباب مختلفة من بينها طرح مساق يعنى بالفنون والمسرح في المدارس من الصفوف الابتدائية حتى الثانوية الأمر الذي يسهم بتشكيل جمهور يعرف اتجاهات المسرح المختلفة بالاضافة الى الكشف عن بعض المواهب المسرحية، كما أن هنالك عياب للاعلام النقدي والعلمي والاقتصار على نشر الأخبار التي تنقل أوقات العروض المسرحية في المواسم. مبينا دور المسرحيين في اختيارات النصوص التي قد لا تتقاطع مع هموم وقضايا المتلقي.
وقال الزيودي: من خلال تجربتي في المسرح اليومي والموسمي أن جمهور العاصمة بدأ يتراجع ما بعد عام 2000 وذلك لانتشار الفضائيات والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بالاضافة الى انتشار دور السينما المهيأة أدى الى توافد سكان عمان لدور السينما ، بينما مواطني المدن والأطراف فهم أكثر وعيا واهتماما وثقافة للمسرح.
في حين بين الناقد الفني ناجح حسن أن ثقافة المسرح لا زالت مقتصرة على النخبة حيث أن حضور جميع العروض المسرحية يتكرر مع كل عرض، ومفهوم الثقافة للجميع ما زال مطلبا يحتاج الى مزيد من الوقت لأنه كان هناك تأخرا في تقديم سلعة ثقافية متنوعة للمواطن الأردني. مشيرا الى أن ظاهرة المدن الثقافية وتأسيس بنية تحتية لمراكز ثقافية في جميع المحافظات سيسهم في انتشار الثقافة بشكل عام ومن ضمنها الثقافة المسرحية.
ولفت حسن الى ضرورة وجود تنسيق بين الجهات الثقافية المختلفة في تنظيم فعالياتها حتى لا تتعارض مع بعضها البعض، والاعلان عن تلك النشطات بشكل جيد للوصول الى المواطن، كما يجب أن يخرج الاعلام من كونه وسيلة اخبارية ليتناول الأحداث بطريقة نقدية تشكل ذائقة ثقافية للمتلقي، فهو الجسر الذي يربط الجمهور بصناع المسرح.
وأشار الناطق الاعلامي باسم المجلس الأعلى للشباب الدكتور محمد مطاوع الى اهتمام المجلس بجميع الأنشطة التي من شأنها رفع الذائقة الثقافية عند الشباب، كما أن المجلس يحرص على تواجد مسرح في بيوت الشباب التابعة له في جميع المحافظات، بالاضافة الى عقد مسابقات شبابية تترجم ابداعات الشباب ومن بينها المسرح، وتتبنى عرض بعض المسرحيات في مديرياتها، وذلك للمساهمة في دعم انتشار الثقافة المسرحية.
كما ذكر مطاوع أن اقبال المواطنين في المحافظات أكثر منه في العاصمة، لأن البدائل الثقافية والترفيهية عند شباب العاصمة أكثر من بقية المحافظات.