لا قيمة لكل الخطابات والعنتريات والبطولات التي يعج بها الاعلام، فاحفاد العثمانيين لن يحرروا فلسطين، ولا الايرانيون احفاد كورش، والعرب خارج التاريخ، والفلسطينيون ينتحرون بفعل حماقة القيادات العظيمة التي لا ترى شيئا سوى صورها ولا تقرأ سوى اخبارها التي تمجدها وتغرق في الجزئيات وجزئية نيوتن التي بالكاد ترى بالعين المجردة.
لا داعي للغضب، حركة حماس تنظر لرفع الحصار ليس من جانب هذا الشعب، وانما من جانب ان تكون وتكون، وما تبقى لا قيمة له ليجوع الناس، ولتموت الارض، وليذهب المستقبل الفلسطيني لجهنم وحركة فتح التي حكمتها قيادات رومانسيه حالمة تخاف ان يذهب قطاع غزة منها وللابد وهي لا تعرف ماذا تريد بالضبط، والمجلس الثوري مجموعة تبحث عن نفسها وعن مناصب وامتيازات وباقي حمولة الميني باص تصرخ وتصرخ لكنها لا تملك شيئاً.
انظروا أولاً للمشروع الصهيوني
هُزم الحصار على قطاع غزة والدولة العبرية تعيش مأزقها وبدأت نهايتها، لهذا صفقوا قليلا لاسطول الحرية وهذه الرؤية او الاجتهاد يقوم على فرضية خاطئة بأن القتل الذي حدث على ظهر السفينه كان خطأ ولانه خطأ وقعت تل ابيب في الجورة دون الاتيان بدليل واحد يدعم هذه الفرضية لانه سيتناقض مع نفس الفرضية التي تعتبر ما وقع مجزرة ومعدة مسبقا.
كثر الذين يلقبون انفسهم بالمختصين في الشأن الصهيوني من هرتسل الى بن غوريون حتى نتنياهو وهم الذين يبشروننا نهارا بان الدولة العبرية على طريق الانهيار، وهذه الجريمة الخطأ شكلت البداية لنهاية الحصار على القطاع الذي سيفتح الطريق امام تحرير كل فلسطين وهم انفسهم الذين يقولون إن وضع قصة اسطول الحرية في سياقها النصي كما هو وليس المتخيل تقليل للتحولات التاريخية الحاصلة في المنطقة دون معرفة عن اية تحولات يتحدثون سوى هذا الصراخ الذي لم يتوقف منذ ما قبل النكبة حتى النكبة الحاصلة الاخطر.
كان التحول الوحيد في الفكر الصهيوني هو اخراج قطاع غزة من الفكر الصهيوني، والذي ترجمه شارون باعادة انتاج الاحتلال، وهو أمر ليس بالجديد وانما يعود لاحتلال القطاع عام 6591 و 8691، ولكن البداية العملية كانت في العام 6891 حين طلب بيريس، وكان انذاك وزير خارجية حكومة الائتلاف، من المرحوم رشاد الشوا ان يقنع مصر بالحاق قطاع غزة بها وهو ما رفضته القاهرة وفق شهادة الشوا.
اي ان مشروع التخلص من القطاع موضوع على الطاولة الصهيونية من البداية عبر اعادته لمصر هذا هو المشروع الصهيوني ودونه لا يمكن رؤية التحولات الداخلية الفلسطينية والخارجية.
ما خلف البطولة كارثة
"فتح" هزمت داخلياً قبل ان تهزمها "حماس" والسبب العقلية الرومانسية الحالمة التي حكمتها ومجموعة من المحكومين بالمصالح الشخصية والتي لا ترى نصف سينتمتر للامام، وهكذا فإن فتح مسؤولة مسؤولية تاريخية عما حصل وعن الكارثة المستمرة وهي تدفع الثمن ولم يكن المؤتمر السادس سوى هيصه اعلامية لاخفاء تحولها من الثورة الى رهينة للاموال والباقي عليكم.
تقدم حركة حماس نفسها كحركة مقاومة وبطولة دون معرفة اية بطولة، هل تجويع الناس وتحويل اولويتهم لملء المعدة الخاوية بطولة؟ هل فتح معبر رفح ومعابر جديده مع مصر واغلاق المعابر مع ارض العام 48 بطولة؟ و.. هل الحاق القطاع بمصر بطولة؟ وقبله هل الانقسام ونقل المعركة مع الاحتلال الى معركة داخلية بطولة؟ هل الثمن الذي دفعه الشعب والارض والمستقبل بطولة؟.
ان حكومة نتنياهو لم تقدم على المجزرة لخطأ مطبعي او فني وانما لحسابات واضحة وهي زيادة الضغط على مصر لفتح ليس معبر رفح وانما كل الحدود مع مصر مقابل اقفال حدود القطاع معها وباحكام. وحين يصبح القطاع مرتبطاً اقتصادياً مع مصر سيقود في النهاية لارتباط سياسي بهذا الشكل او ذاك ويتحول القطاع الى محطة عبور لتفريغ الارض من الفلسطينيين في مناطق الـ 48 وفي الضفة، والمقدمات الحاصلة تقول كل شيء فهل هذه بطولة؟.
إن "حماس" باستيلائها على السلطة في القطاع استولت على المقاومة الوطنية واعدمتها وانقلب الصراع الداخلي بدلا من الصراع بين تيار المقاومة والسلطة صار بين تياريين سلطويين ودفعت وتدفع المقاومة الوطنية الثمن فاية بطولة هذه؟.
فتح معبر بين القطاع والضفة
ليست البطولة في حديث المهرجين في فتح معبر رفح وكل الحدود مع مصر لان ذلك يخدم المشروع الصهيوني والمشروع الفئوي القاتل لحماس، أي هناك مصلحة للطرفين الاعداء في ذلك، اولاً الدولة العبرية لالحاق القطاع بمصر كهدف تاريخي، وثانياً في تعميق حكم "حماس" في القطاع، اما ماذا بعد على صعيد المشروع الوطني؟.
إن الارضية الفلسطينيية حبلى بولادة حركة جديدة، والاغلبية من الناس كفرت بالتنظميات والفصائل والحركات ويكفي ان اي استطلاع رأي مدفوع الاجر مسبقا لا يعطي لكل الحركات سوى خمسة وعشرين بالمائة، ومعنى ذلك ازدياد فقدان الثقة، واذا ما توقفت اموال الخارج او التغذية الاصطناعية فان الانهيار سيكون انهيارات متتالية وهذه ستكون نعمه للقضية.
ان البطولة في مواجهة المشروع االصهيوني في فتح معبر بين القطاع والضفة قبل فتح اي معبر خارجي يخضع للمعيار الوطني حتى التكتيكي المؤقت اما فتح معبر رفح واغلاق معابر الـ 48 فان النتيجه مأساوية.
دولتكم في القطاع
حتى بفرضية حصول مصالحة فان فتح معبر رفح واغلاق المعابر على حدود الـ 48 وان كان بشكل غير مباشر او دون اعلان رسمي ستكون الكارثة اكبر، لأن ذلك يعني حصول اجماع على غزة اولاً واخيراً وشطب اريحا التي الحقت في اللحظة الاخيرة باوسلو، رحمه الله، دون التوقف عند اريحا وليس الضفة التي لم يتبق منها ما يصلح لاقامة حتى شبه ادارة ذاتية.
لا اعرف لأن قراءة التحولات على الارض وفي السياسة الداخلية والخارجية وفي البطولات الهوائية مثيرة للقشعريرة والاستفزاز لمن تبقى عنده شيء من الايمان بالقضية والمقاومة والشعب.
ان الفلسطينيين يسيرون بخطى ثابتة وقدرية نحو تنفيذ المشروع الصهيوني شطب ما تبقى من الضفة واقامة الدولة في القطاع، ولا فرق بين مقاوم ودايتوني، بين معتدل وممانع، بين مستسلم ومجاهد، مقاومة بين حماس واستسلام فتح، بين اسطول الحرية، واسطول غير الحرية، بين الذي يريد انتخابات محلية والذي لا يريد، لأن السياسة لا تقاس لا بالصوت، ولا بمن يصرخ اعلى وانما بما تنتجه على الارض وهو دولتكم في القطاع وعظم الله اجركم.
الرئيسية 
