مختلف تماما عن حب الخمس نجوم أو حتي
الثلاث نجوم . الحب علي الكوبري تحول إلي
الموضوع المفضل لدي الصحفيين الخواجات
الذين يزورون مصر ليكتبوا عن (( المجتمع
المصري)), فيلفت نظرهم ضمن أشياء أخري
البنات اللاتي يرتدين الحجاب المزركش وهن
هائمات في حالة الوله والسرحان والنظر إلي
النيل والسماء والأفق البعيد . ويتحول هذا
المشهد إلي دليل أن الحجاب لا يمنع البنات
من الحب! من الممكن أن أتسامح مع نظرة
الخواجة للمشهد , فهي نظرة نابعة من تراكم
صور نمطية وتوقعات أننا نسير بالسيوف في
الشوارع . لكن ما يستفزني هو الأصوات
المصرية التي تتعامل مع الأمر بوصفه كشفا
للحقيقة المستورة ... ( بصوا واقفة إزاي.. ولابسة
الحجاب ليه بقي ان شاء الله ؟ ).. تتنوع صياغات
التعليق ولكنها تشترك جميعا في إنكار الحب
للفتاة المحجبة وكأن الحب يتنافي مع الشرائع
مع الأديان . مع كل القيم الدينية التي تدعو
للحب والتسامح . ولماذا لا يجب أن تحب ؟
تضحكني ( الحقيقة تذهلني) كثيرا هذه
التعليقات والرؤي . لأن المسكوت عنه فيها
ينطوي علي كم هائل من جلد الذات . فاقتران
الحجاب باستنكار الحب ( سواء الوقوع فيه أو
خارجه) يعني أن المتحدث يجرم هذا الفعل
وإذا مددنا الخط علي استقامته فهو بالتالي
يجرم هذا الفعل لنفسه أيضا . عليهم أن
يتذكروا إذن في كل مرة يصدرون فيها أحكاما
مشابهة أنهم يجلدون ذواتهم ليس إلا . أما
المسكوت عنه الآخر في تلك الأحكام فهو الكم
الهائل من التسلط وعدم الاعتراف بالحقوق
المسكوت عنه هنا يعني ببساطة أن الحب
للجميع إلا المحجبة !
لا يختلف الخواجات عن المصريين كثيرا في
نظرتهم لمشهد الحب علي الكوبري فالاثنان
لا يشاهدان سوي الفتيات اللاتي يتحولن إلي
مؤشرات للوصف والتحليل والاستنتاجات . يغيب
الولد تماما عن المشهد وكأنه لم يكن موجودا
من الأصل . وبذلك تتحمل الفتاة عبء وصف مصر
فالخطأ لها وحدها والذم فيها فقط والتجريم من
نصيبها والتحريم هي محوره .
يظهر الولد فقط عندما تنطلق الزغاريد
وعندها يكون رجلا شهما ( بصحيح ) كل هذا
من أجل حب علي الكوبري حيث البرد ينخر
في العظام أو الشمس تلهب الجلد . لكن حب
الخمس نجوم لا يدخل في التحليل ولا
التوصيف ولا يلفت النظر . فقط الكوبري . حب
الغلابة والطلاب والحالمين .
أما المفلت للنظر في كل هذا الانشغال بالحب
علي الكوبري فهو الدهشة وكأن المصريين لم
يعبروا أبدا عن حبهم وكأنه في يوم وليلة نبتت
لهم مشاعر! الحب علي الكوبري سابقا هو
التمشية علي الكورنيش وبنت الجيران من
البلكونة والرسائل الغرامية في كراسات
المحاضرات . لماذا تحول الحب إلي ظاهرة
اجتماعية عندما انتقل إلي الكوبري ؟ الحب هو
الحب كل ما في الأمر أن اللحظة السياسية
الضاغطة المرتبكة حولته إلي ظاهرة ومفردة أثيرة
لدي المتكلمين والمعقلين والمنظرين . منذ أزمنة
بعيدة قال الشاعر جميل بثينة ( ولم يكن لديه
كوبري ) " ألا أيها القوم النيام . هل يقتل الرجل
الحب ؟ .. نعم حتي يتركه حيران ليس له لب " .
علي الهامش :
انا لا ادري السبب الحقيقي وراء نقلي
المقال .. رغم انا لا تجذبني كتابات النسوانِ
في الجرايد إلا ان - شرين أبو النجا - صاحبة
الوجة المألوف - والابتسامة الودوده
كتبت فأبدعت
لفت نظري العنوان .. فاكملت قراءة
تعرف كيف تنتقي حديثها بلا تكلف .. لديها
منطق وفلسفة خاصة .. مقنعة بطريقة مذهلة
حِبوا أيها القوم النيام
حِبوا .. اتكلموا .. اتحركوا .. انظروا .