منتدي شباب المسرح
عزيزي الزائر انت غير مسجل لدينا.سجل حتي تتمكن من مشاهدة كل الأقسام ..اقسام الأفلام والأغاني و الموسيقى وكل المواضيع(التسجيل يأخذاقل من 30 ثانية)
منتدي شباب المسرح
عزيزي الزائر انت غير مسجل لدينا.سجل حتي تتمكن من مشاهدة كل الأقسام ..اقسام الأفلام والأغاني و الموسيقى وكل المواضيع(التسجيل يأخذاقل من 30 ثانية)
منتدي شباب المسرح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي شباب المسرح


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مسرحية ساخرة أهلاً جحا

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
قصة رجل حر
عضو فضي
عضو فضي
قصة رجل حر


ذكر
عدد الرسائل : 1959
العمر : 38
عدد نقاط نشاطك في المنتدي : 96460
تاريخ التسجيل : 20/04/2007

مسرحية ساخرة أهلاً جحا Empty
مُساهمةموضوع: مسرحية ساخرة أهلاً جحا   مسرحية ساخرة أهلاً جحا Emptyالجمعة 23 مايو - 20:17

مسرحية ساخرة أهلاً جحا
أحمد اسماعيل اسماعيل


اللوحة الأولى

[ ومرةً
جربت صنوبرةٌ أن لا تنحني
فأدبتَّها الريحُ .فصار الانحناءُ
عادةً في عائلة الصنوبر ]

محمد عمران




(مدخل شارع عام في مدينة معاصرة: دكاكين، ومحلات تجارية، وباعة من فئات مختلفة. يدخل الحمار راكضاً وهو يرتدي زياً معاصراً، يتبعه جحا وهو يلهث من شدة التعب. الوقت: نهار)
جحا : (برجاء) يا حماري، يا حماري العزيز.
الحمار : (بضيق) أف، قلت لك ألف مرة لا تقل يا حماري.
جحا : بماذا أناديك إذاً ؟ أنت حماري، حماري العزيز.
الحمار : نادني يا أخي.
جحا : يا أخي ؟!
الحمار : نعم يا أخي.
جحا : (يقاطعه) أنا صاحبك جحا، ولست أخاك.
الحمار : لماذا تلاحقني من مكان إلى مكان، ومن زمن إلى زمن يا صاحبي جحا ؟
جحا : بل قل لي أنت، لماذا تركت زمانك الماضي الجميل، ورحت تجوب الأزمنة والأمكنة المختلفة ؟
الحمار : كنت أبحث عن زمني.
جحا : (بسخرية) وهل وجدته يا فيلسوف ؟
الحمار : نعم، وأخيراً وجدته.
جحا : وأين وجدته ؟
الحمار : في هذا الزمن.
جحا : هنا ؟!
الحمار : نعم.
جحا : (يضحك بسخرية) ..
الحمار : لماذا تضحك ؟
جحا : لأني أراك تنظر ولا ترى، كما كنت في السابق تتكلم بدون أن تفكر. (يضحك)
الحمار : إني أراك يا سيد جحا.
جحا : لكنك لا ترى موجودات هذا المكان من أبنية شاهقة، وأرصفة نظيفة، وطائرات،وقاطرات وسيارات.
الحمار : وهل تظنني أعمى ؟
جحا : إذن ما الذي بقي لك كي تفعله هنا في هذا الزمن ؟
الحمار : النهيق.
جحا : النهيق ؟!
الحمار : نعم يا صاحبي، بالنهيق وحده تعيش هنا بأمان وسلام وراحة بال.
جحا : يا سلام !!
الحمار : فما رأيك ؟
جحا : بماذا ؟
الحمار : بهذا الدور، وهو دور بسيط كما ترى، وتستطيع أداءه دون عناء يا صاحبي. باختصار، كن مثلي وبس.
جحا : أكون حماراً ؟
الحمار : نعم .
جحا : وأنهق مثلك ؟!
الحمار : تماماً.
جحا : حسن.
(يهم بضرب الحمار، يهرب الحمار، يركض جحا وراءه) أنا حمار؟ أنا أنهق أيها الحمار الوقح ؟
الحمار : لا تغضب يا أخي، اهدأ يا جحا..
(تستمر المطاردة بضع لحظات، يدخل أثناءها أناس يركضون بهلع ورعب)
رجل : النجدة.
امرأة : أنقذونا ..
شاب : أنا لست كلباً.
فتاة : أنقذوني ..
عجوز : أنا لست كلباً.
طفل : بابا ..
(تعلو الأصوات الهلعة وتختلط ببعضها، يجمد جحا والحمار في مكانهما باندهاش)
جحا : غريب !!
الحمار : ماذا يحدث ؟
جحا : أنا لست كلباً ؟!
الحمار : أنا لم أنبح ؟!
جحا : ماذا يعني هذا ؟!
الحمار : غريب !
جحا : يجب أن أعرف ماذا يحدث هنا.
الحمار : لا تتدخل فيما لا يعنيك يا جحا.
جحا : لن أغادر هذا المكان قبل أن أعرف ما يحدث.
الحمار : أف.
(يعترض جحا طريق بعض الفارين)
قف. قف يا أخي، ماذا يحدث هنا ؟ لماذا تهرب ؟ قف ..
رجل : (بخوف) أنا لست كلباً. (يهرب)
شاب : أنا لم أنبح يا سيدي. (يفر برعب)
طفل : ماما ..
جحا : غريب !!
الحمار : هيا نهرب .
جحا : (لفتاة) ما الحكاية أيتها الفتاة ؟ لماذا ..
الفتاة : أنا .. أنا .. يا بابا. (تهرب)
الحمار : لنهرب يا جحا.
جحا : غريب وعجيب !!
الحمار : هيا يا جحا، في الأمر سرٌّ، إني خائف.
جحا : اصبر قليلاً.
(يعترض جحا طريق عجوز يتقدم ببطء وتعب)
العجوز : أنا لست كلباً يا سيدي، أنا ..
جحا : أعرف ذلك يا عماه، لكن قل لي ما الحكاية ؟
العجوز : أقسم أني لم أنبح.
جحا : أعرف ذلك يا عماه، لكن ماذا يحدث هنا ؟لماذا ؟
العجوز : اتركني أعبر بحق الرب، أرجوك يا سيدي.
الحمار : دع الرجل يمر يا جحا.
العجوز : جحا ؟!
جحا : نعم، أنا جحا يا عماه، وهذا الحمار هو حماري ..
الحمار : (بضيق، وهمس) لم أعد حمارك يا جحا.
جحا : أقصد : وهذا صاحبي الحمار .
العجوز : غريب !! جحا وحماره هنا، في هذا الزمن ؟!
جحا : نعم يا سيدي.
العجوز : (بريبة) لا أصدق ذلك، لاشك أنكما من رجال الحاكم. (برهبة) أنا لست كلباً، أقسم بأني لم أنبح.
جحا : اطمئن أيها العجوز،انظر إلينا جيداً وستعرف أننا لسنا من رجال الحاكم.
الحمار : وإن هذا الذي يقف أمامك هو جحا،جحا بلحمه وشحمه،وأنا صاحبه وصديقه العزيز .
العجوز :( يتأملهما باستغراب) الحمار !!
جحا : تماماً.
الحمار : هل صدقتنا الآن ؟
العجوز :كل شيء جائز، كل شيء هنا أصبح جائزاً.
جحا : إذن، قل لنا الآن ما الحكاية ؟ ماذا يحدث هنا ؟
العجوز : حسن، لكن ..
(يلتفت حوله بخوف) لنبتعد عن الأنظار.
(ينـزوون وراء لوحة إعلانات، أو جانب دكان)
الحمار : هيا قلْ يا سيدي.
جحا : ما سبب فرار القوم بهذا الشكل وهم يصرخون بخوف : أنا لست كلباً ..
الحمار : أنا لم أنبح !
العجوز : السبب هو الفرمان الذي أصدره حاكم البلاد، والذي يقضي بإعدام الكلاب.
الحمار وجحا : الكلاب ؟!
العجوز : نعم.
جحا والحمار : ولماذا الكلاب ؟
العجوز : لأنها لم تكف عن النباح منذ.منذ فترة ليست قصيرة .
الحمار :إنه أمر مثير للإزعاج حقاً.
جحا : لابدًّ أن لهذا النباح سبباً.
العجوز: نعم، هذا صحيح.
جحا و الحمار : ما هو ؟
العجوز : الجوع.
الحمار : الجوع ؟
جحا : جوع في هذه الإمارة الثرية ؟!
العجوز : الثرية ؟ (يضحك)
الحمار : والعظام التي هي من مخصصات الكلاب، ماذا تفعلون بها ؟
جحا : نعم، ماذا تفعلون بالعظام بعد تناولكم اللحم ؟
العجوز : الحاشية فقط هي التي تتناول اللحم.
جحا : حسن، ماذا تفعل الحاشيـة بالعظام بعد تناول اللحم ؟
العجوز : تلتهمه مع اللحم.
جحا : تلتهم العظام ؟!
الحمار : العظام أيضاً ؟
العجوز : نعم.
جحا : وهل الحاشية منهم ؟
العجوز : ممن ؟
جحا : من الكلاب.
الحمار : (بخوف) هس ..
العجوز : لا ترفع صوتك.
جحا : لكن هذا لا يجوز.
العجوز : كل شيء هنا جائز يا سيدي.
جحا : لاشك أن الأمير، حاكم البلاد غافل عما يحدث في إمارته، ولابدًّ من إعلامه بذلك.
العجوز : غافل ؟ (يضحك)
الحمار : لا تكن أحمق يا جحا.
جحا : أنا لست حماراً .
الحمار : أحمق من يتفوه بمثل هذا الكلام يا ..جحا أيام زمان.
جحا : ماذا تقول ؟
العجوز : إنه يقول الصدق يا سيد جحا.
جحا : الصدق ؟!
(يهمُّ العجوز بالهرب)
العجوز : أف.
(يعترض جحا طريقه)
جحا : إلى أين ؟
العجوز : دعني أنفد بجلدي قبل أن يحضر رجال الحاكم.
جحا : إنهم يعتقلون الكلاب، وأنت لست كلباً.
الحمار : (يضحك بسخرية) ..
جحا : لماذا تضحك أيها الحمار ؟!
(يتأمل العجوز نفسه باستغراب)
العجوز : لست ..
جحا : نعم، أنت لست كلباً أيها العجوز.
العجوز : يجب أن أهرب حالاً.
جحا : انظر إلى نفسك وستعرف أنك لست ..
العجوز : (بيأس وخوف) يا سيدي، يا سيدي، إلى أن يعرفوا بأني لست كلباً، وأنني لم أنبح، وأنني رجل عجوز في السبعين من عمره، ولي أولاد و أحفاد وزوجة عجوز حمقاء ؛ فإنهم سيضربونني ضرباً حتى يجعلوا من جلدي طبلاً.
(يجمد جحا في مكانه كالمصعوق، ينسل العجوز من بينهما ويخرج)
جحا : غير معقول !!
الحمار : بل معقول.
جحا : لا يجوز هذا.
الحمار : بل يجوز يا جحا، فكل شيء هنا جائز، هيا ننفد بجلدنا قبل أن يحولوه إلى طبل.
جحا : أنا لست كلباً، ولن أهرب.
الحمار : أرجوك يا صاحبي .
جحا : لن أهرب، وسأذهب إلى الحاكم وأخبره بما يحدث في إمارته.
الحمار : حذار .
جحا : سأذهب، إنه الواجب أيها الحمار، لم أسكت يوماً عن خطأ، ولم أتستر على عيب مخلوق؛ خادماً كان أم مخدوماً، سيداً أم مسوداً. أنا جحا الجريء، الصريح، الواضح يا حمار.
الحمار : (بهمس) اصمت.
جحا : لن أصمت، الساكت عن الحق شيطان أخرس.
الحمار : إنهم قادمون نحونا.
جحا : سأذهب إلى الحاكم وأحدثه بما ..
الحمار : هسس ..
جحا : سأقول له : أيها السيد، يا أمير البلاد .. (يدخل جنديان) جئتك في أمر جلل.
جندي 1 : من ينبح في هذا المكان ؟
جحا : أيها السيدان خذاني إلى الحاكم.
الحمار : (بهمس وتحذير) جحا !
جندي 1: مولانا الحاكم؟!
جحا : نعم يا سيدي.
الحمار : (بخوف) لا يا سيدي.
جحا : بلى يا سيدي.
جندي 2: لماذا تريد المثول بين يدي مولانا أيها..
الحمار : إنه يمزح (لجحا)كفَّ عن الهذر يا رجل،ماذا دهاك؟
جندي 2 : تكلم.
جحا : لأعلمه بما يحدث في إمارته من جور وغبن وفسا ..
جندي 1 : (بعنف) ما هذا النباح أيها الكلب ؟!
الحمار : كلب !!
جحا : أنا جحا ولست كلباً يا سيدي.
جندي 2 :(بسخرية) يا سلام !! لقد أصبح للكلاب أيضاً أسماء.
جحا : أنا جحا .
جندي 1 : إنه لا يكفُّ عن النباح !!
جندي 2 : سِرْ أمامنا أيها الكلب.
(يدفعان جحا بعنف)
جحا : لست كلباً، أنا جحا، أنا ..(للحمار) قلْ لهما من أنا ، قلْ لهما ..
الحمار : المعذرة أيها السيدان، أنتما مخطئان.
الجندي1 : نحن مخطئان ؟!
الحمار : صاحبي هذا ليس كلباً.
جحا : أحسنت يا صديقي.
الحمار : إنه أخي.
جحا : أخوك ؟!
الجنديان : أخوك ؟!
(يتأمل الجنديان جحا بإمعان)
جندي 1 : غريب !
جندي 2 : حمار وينبح ؟!
جحا : لست حماراً، أنا جحا، أنا بهلول أيها السيدان، أنا خوجا نصر الدين .أنا ..
جندي 1 : كفًّ عن النباح أيها الكلب.
جندي 2 : لنجره إلى ساحة الإعدام حالاً.
الحمار : (لجحا) انهق يا جحا.
جحا : لا.
(يدفع الجنديان جحا بعنف)
الجنديان : هيا أيها الكلب.
جحا : لست كلباً.
جندي 1: امش وإلا نفذنا حكم إعدامك هنا.
(يجرجرانه بقوة)
(ينهق الحمار، يقف الجنديان ينظران إلى جحا باندهاش)
الحمار : هل سمعتما نهيقه.لقد نهق.إنه أخي:شقيقي.
جندي 1 : (بضيق) لقد نهق.
جندي 2 : و زاد في الطنبور نغماً.
جندي 1 : هس .. لا ترفع صوتك يا صاحبي.
جندي 2 : لماذا ؟! هل تخاف من الحمير أيضاً ؟!
جندي 1 : بل أخاف من الحاشية التي تطرب للنهيق كثيراً.
جندي 2 : اللعنة عليها.
جندي 1 : على الحاشية ؟!
جندي 2 : (كالمصعوق) لا، لا. ماذا تقول يا رجل ؟!
(ينظران نحو جحا والحمار بريبة وخوف وتملق، ينهقان ثم يخرجان)
جحا : غريب !! لقد نهقا.
الحمار : نعم.
جحا : لماذا ؟
الحمار : (يضحك) ..
جحا : لماذا تضحك ؟!
الحمار : لقد كان نهيقك جميلاً يا شقيقي.
جحا : (بضيق) هل تسخر مني أيها الحمار ؟
الحمار : (يضحك) ..
جحا : (بغضب) حسنُُ. (يهم بضربه،يهرب الحمار) أقسم أني سأضربك ..
الحمار :(وهو يضحك) لا تغضب يا أخي، انتظر .. (يخرجان)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قصة رجل حر
عضو فضي
عضو فضي
قصة رجل حر


ذكر
عدد الرسائل : 1959
العمر : 38
عدد نقاط نشاطك في المنتدي : 96460
تاريخ التسجيل : 20/04/2007

مسرحية ساخرة أهلاً جحا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسرحية ساخرة أهلاً جحا   مسرحية ساخرة أهلاً جحا Emptyالجمعة 23 مايو - 20:17

اللوحة الثانية


هكذا :
لا يقين ،
لا جسارة ،
لا خزَّافين ،
لا قلبَ يُلقي بظلاله على الفكاهة،
لا هبوبٌ، بل نفخٌ من فم الظلام

سليم بركات






(ساحة عامة في المدينة نفسها، تقع خلفها حديقة بناء مهيب، يدخل الحمار وهو يضحك، بدخل بعده جحا وهو يلهث من شدة التعب، الوقت نهار)
جحا : (بغضب) أقسم أني سأضربك.
الحمار : (يضحك) ..
جحا : كفًّ عن هذا النهيق.
الحمار : لا تغضب يا أخي.
جحا : لا تقل يا أخي .
الحمار : اسمع يا صاحبي،إذا كنت تنوي العودة إلى زمنك فإني أنصحك بالعودة حالاً، أما إذا كنت قد قررت البقاء هنا؛ فينبغي عليك اتباع دورة تدريبية في إتقان فن النهيق.
جحا : فن ماذا ؟!
الحمار : النهيق، وسأكون أنا معلمك يا جحا.
جحا : (بحنق وسخرية) حسن يا معلمي.
الحمار : لنبدأ الآن درسنا الأول.
جحا : حاضر.
(يرفع العصا ويهم بضربه)
الحمار : (وهو يهرب) ماذا تفعل ؟!
جحا : سألقنك الدرس الذي نسيته.
الحمار : اهدأ يا صاحبي .
جحا : ..
الحمار : دعنا نتفاهم يا جحا.
جحا : لا تفاهم مع الحمير.
الحمار : الإنسان الديمقراطي يتفاهم حتى مع الحمير.
جحا : (بغضب)أنا قرباطي أيها الحمار ؟!
الحمار : ديمقراطي يا صديقي،من الديمقراطية وليست من القرباطية.
جحا : الديمقراطية ؟! لا شك أنها شتيمة من شتائم هذا الزمان .
الحمار : يا صاحبي.يا أخي.الديمقراطية ليست شتيمة،بل بالعكس،الديمقراطية هنا هي أن تقبل الآخر.
جحا : (بإعجاب) كلام جميل.
الحمار : وأن لا تقبل بغيره.
جحا : كلام غريب !
الحمار : وأن ترضى بحكمه.
جحا : ماذا ؟
الحمار : ولا ترضى بحكم غيره.
جحا : هكذا ؟
الحمار : وأن لا تقل له أف.
جحا : أف !!
الحمار : ولا تظهر له ألمك إذا جعت، وضيقك إذا ضُربت، وأن تدير له خدك الأيمن إذا صفعك على خدك الأيسر، و..
جحا : (يقاطعه) وأن أكتفي بالنهيق إذا حشر العصا في ..
الحمار : تماماً.
جحا : هل هذه هي الديمقراطية ؟
الحمار : نعم، ما رأيك ؟
جحا : اسمع يا حمار.اللعنة عليك،وعلى..
(يسمعان قرع على الطبل، وصوت مناد)
الصوت : أيها الناس اسمعوا وعوا، على جميع المواطنين الحضور إلى الساحة العامة حالاً (يدخل المنادي) أيها الناس، أيها الناس .. اسمعوا وعوا، الحاضر يعلم الغائب بعد قليل سيصل موكب حاكم بلادنا إلى هذا المكان، وسيكون برفقته حشد من الصحافيين الأجانب، وعلى الجميع إطلاق الهتافات بحياة سموه بصوت يشق عنان السماء، أيها الناس. أيها الناس .. (يخرج)
(يبدأ الحمار بالرقص والغناء)
جحا : (باستغراب) ماذا أصابك أيها الحمار ؟!
الحمار : (يرقص ويغني) ..
جحا : كفْ عن هذا أيها الحمار، أقسم إن القوم سيطردوننا من هنا.
الحمار : غن معي .
جحا : كف عن هذا النهيق، ستفضحنا.
الحمار : افعل مثلي ولن تندم.
جحا : احترم نفسك يا حمار.
(تمتلئ الساحة بالناس و الرايات. هرج ومرج)
رجل 1 : (بصوت مرتفع) صمتاً، صمتاً أيها الناس، إنَّ ولي نعمتكم قادم، سيد البلاد والعباد قادم نحونا، غنوا وارقصوا واهتفوا : عاش مولانا الحاكم ..
الجموع : عاش مولانا الحاكم..
(تنعقد حلقات الدبكة وسط الساحة، يشارك الحمار الناس الرقص و الغناء)
جحا : غريب !
الحمار : تعال يا جحا، تعال يا أخي.
(تدخل جماعة تحمل دمية كبيرة، تعلو الأصوات بالهتافات الحماسية)
الجموع : عاش مولانا حاكم البلاد..
_ عااااش ..
_ عاش. عاش …
(يتسمر جحا في مكانه وهو يحدق في الدمية باستغراب)
الحمار : (وهو يرقص) ارقص يا جحا، ارقص وغن.
رجل 1 : ما أروع جلالته!
رجل 2 : تاجه من ذهب.
رجل 3 : بل من جواهر.
جحا : غريب !!
الحمار :لماذا تقف هكذا كالصنم يا صاحبي ؟!
جحا : أين هو الحاكم ؟ إني لا أراه.
الحمار : (بسخرية) لا تراه ؟! ومن يكون ذاك الجالس على الكرسي إذاً ؟
جحا : الجالس على الكرسي هي دمية، فأين هو الحاكم ؟
الحمار : (يكم فم جحا، بصوت عال) عاش سيدنا ومولانا الحاكم .
الجموع : حااااش ..
جحا : لكن أين هو ؟!
الحمار : حاش مولانا وولي نعمتنا حفظه الله ورعاه .
الجموع : حااااش ..
الحمار : (لجحا بهمس وحذر) سيقتلونك يا جحا.
جحا : لكن ..
الحمار : اصمت .
(يصمت جحا بخوف، يرقص الحمار مع من يرقص ويغني، ينقل جحا نظره بين الناس والدمية والمصورين كالمأخوذ)
طفل : ماما.
الأم : ماذا تريد يا بني ؟
الطفل : أين هو مولانا ؟
جحا : (وهو ينصت إلى حديث الطفل وأمه، لنفسه) أحسنت يا بني، طفل آخر سيفضح اللعبة.
الأم : إنه هناك يا بني، إنه ذاك الجالس على الكرسي الذهبي، انظر إليه جيداً وستراه.
جحا : (لنفسه) انظر يا بني جيداً وستعرف.
الطفل : ماما.
الأم : ماذا يا بني ؟
الطفل : لماذا لا يتحرك مولانا ؟
جحا : (بهمس) لأنه دمية.
الأم : لأنه الحاكم يا بني.
الطفل : ماما.
الأم : ماذا يا بني ؟
جحا : (لنفسه) اسأل يا بني.
الحمار : بماذا تحدث نفسك يا جحا ؟
جحا : هس.
الطفل : لماذا مولانا صامت ولا يفتح فمه ؟
الأم : لأنه سيد وملك يا بني.
جحا : (لنفسه) لا، هذا ليس سيداً يا بني،بل دمية.
الطفل : ماما.
(يقترب جحا من الطفل حتى يكاد يلتصق به)
الحمار : ماذا دهاك يا جحا ؟!
جحا : صه ..سيتكلم الطفل.
الحمار : أي طفل ؟! أنا لا أرى هنا أطفالاً يا صاحبي ..
جحا : أعمى.
الطفل : ماما، أنا أحبه يا أمي.
جحا : (باستغراب) ماذا ؟!
الأم : تحب من يا بني ؟
الطفل : سيدنا ومولانا الحاكم.
جحا : (بضيق) لا ..
الأم : أحسنت يا بني.
جحا : إنه دمية يا بني، الحاكم دمية يا صغيري.
الطفل : دمية ؟
جحا : نعم يا بني، إنه دمية.
الأم : مجنون.
الحمار : اصمت يا جحا.
جحا : انظر إليه جيداً.
رجل : جاسوس.
فتاة : عدو.
عجوز : كافر.
جحا : إنه دمية يا بني، إنه ..
الطفل : كذاب.
جحا : لا، لست كاذباً ..
الحمار : حاش سيدنا الحاكم.
الجموع : حااااش ..
(ينطلق جحا نحو الدمية،يرفعها إلى أعلى،يعبث بها وهو يصيح بحماس)
جحا : إنها دمية، مجرد دمية، انظروا إليها يا ناس، انظروا إليها جيداً.
(يسود صمت مريب لبضع لحظات، تلتقي النظرات الهلعة باستغراب، وفجأة تندفع الجموع نحو جحا بغضب)
الجموع : _ أيها الخائن.
_ أيها الكافر.
_ عميل.
_ زنديق.
_ اقتلوا العميل.
_ خوزقوه
_ افصلوا رأسه عن جسده.
جحا : لست خائناً، أنا جحا ..
الجموع : خائن. كاذب. منافق .. (يضيقون الخناق عليه)
جحا : لا، لا ..
الحمار : إنه حمار.
(يصمت الجميع)
إنه حمار بري يا أخوتي وليس منافقاً أو عميلاً.
(ينظر الجميع إلى جحا بتفحص و استغراب)
الجموع : - غير معقول.
_ لا أصدق ذلك.
_ أعتقد أنه خائن.
_ بل كافر.
_ اذبحوه..
جحا : أنا جحا ..
الحمار : (يصطنع السخرية) في الحقيقة إن هذه المناسبة العظيمة أسكرته تماماً.
جحا : أنا لا ..
الحمار : كف عن هذا النهيق الشاذ ولإ..
(يتأمله الجميع بشيء من الريبة)
الجموع : _ ممكن.
_ غريب ؟!
_ ولم لا ؟
_ لكنه ..
_ لنعد إلى احتفالنا.
_ هذا أفضل.
(يعود الجميع إلى الاحتفال عدا جحا والحمار)
جحا : أنا أنهق نهيقاً شاذاً ؟!
الحمار : في المناسبات العظيمة فقط.
جحا : أنا ؟!
الحمار : (يضحك)..
جحا : أنت السبب.
الحمار : (يضحك) ..
جحا : تباً لك أيها الحمار اللعين.
الحمار : (يضحك) ..
جحا : حسن.
(يهم بضربه، يهرب الحمار، يخرجان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قصة رجل حر
عضو فضي
عضو فضي
قصة رجل حر


ذكر
عدد الرسائل : 1959
العمر : 38
عدد نقاط نشاطك في المنتدي : 96460
تاريخ التسجيل : 20/04/2007

مسرحية ساخرة أهلاً جحا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسرحية ساخرة أهلاً جحا   مسرحية ساخرة أهلاً جحا Emptyالجمعة 23 مايو - 20:18

اللوحة الثالثة



ديزي : قال بالحرف الواحد يجب أن نتبع
عصرنا...كانت تلك آخر كلمات
بشرية قالها ..
مسرحية : الخرتيت

يوجين يونسكو






(المدينة نفسها: سوق تظهر فيها مكاتب عديدة. كتب عليها: مكاتب مناهضة الحيونة. وهي محلات متشابهة الأحجام. مختلفة الألوان. يجلس أمام كل منها مناد، أو منادية يرفعون أصواتهم بالنداء، أو يؤدون بعض الحركات للدعاية والإعلان)
بائع1 : ضد الحيونة .. ضد الحيونة.
بائع2 : ضد الحيونة يا رفاق.
بائعة : (بدلع وغنج) قرب وجرب الأنسنة يا حباب.
(تعلو الأصوات وتتكرر بشكل متفاوت في الشدة
أحياناً، والرتابة أحياناً أخرى. يدخل الحمار وهو
يهرول، يتبعه جحا يلهث من شدة التعب نتيجة
مطاردته للحمار)
جحا : (غاضباً) أقسم أني سأضربك، أنا أنهق ؟!
الحمار : (يضحك) ..
جحا :اضحك كما يحلو لك، ولكنني لن أرحمك عندما أمسك بك. سأحول ضحكك هذا إلى عويل.
الحمار : هدئ من روعك يا أخي.
جحا : لا تقل يا أخي. أنا لست أخاك.
الحمار : حسن يا صاحبي، يا صديقي .
جحا : ولست صاحبك، ولا صديقك أيضاً أيها العدو.
الحمار : أنا عدو يا جحا ؟!
جحا : نعم. أنت عدوي أيها الحمار، عدوي الذي يسعى إلى توريطي في فعل مهين.
الحمار : أيُّ فعل ؟!
جحا : النهيق .
الحمار :(يقاطعه) عفواً، النهيق ليس فعلاً مهيناً، إنه الصوت الخاص بي: هويتي يا سيد جحا.
جحا : هويتك ؟!
الحمار : نعم.
جحا : (بسخرية) حمار مثقف !
الحمار : حمار مثقف، خير من مثقف حمار يا فهمان.
جحا : ماذا تقصد ؟ أنا لست من هؤلاء ولا من هؤلاء، أنا، أنا ..
الحمار : من ؟
جحا : (بحيـرة) أنا ..
الحمار : من أنت ؟ هل نسيت من أنت يا جحا .. يا إنسان.
جحا : (بسرور، ثم بضيق) نعم، أنا إنسان، كدت أنسى ذلك.والسبب هو أنت: أنت وزمنك اللعين هذا. أنا جحا المحترم والمحبوب أنى حللت، نصير العدالة، وناشر المحبة والمسرة بين الناس في كل الأزمان و البلاد .. أنهق الآن ..وهنا ؟!
الحمار : عدْ إلى زمنك إذاً.
جحا : وحدي. أعود وحدي ؟
الحمار : نعم، وحدك يا صاحبي.
جحا : لا أستطيع.
الحمار : لماذا ؟
جحا : من دونك لا يمكنني الاستقرار و العيش في أي زمان أو مكان.
الحمار : أما أنا فأستطيع، وخاصة هنا .
جحا : (بحنق) طبعاً تستطيع .
الحمار : كنْ مثلي إذاً.
جحا : (بسخرية مرة) أكون حماراً ؟!
الحمار : نعم.
جحا : لكنني إنسان يا فهمان.
الحمار : لا بدًّ أنك تمزح يا صديقي، أو أنك واهم (بسخرية) "قال إنسان قال" !
(يغني، يصمت جحا حائراً، يلتفت حوله بضيق وعجز، يشاهد المكاتب والمنادين)
جحا : هس ، كفًّ عن النهيق وانظر هناك .
الحمار : (يستمر في غنائه) ..
جحا : اصمت ودعنا نسمع.
(يكمُّ فم الحمار الذي يتأفف، ثم يصمت، تعلو أصوات المنادين)
المنادون : ضد الحيونة .. ضد الحيونة يا رفاق ..
جحا : (بسعادة) اسمع، (بسخرية) "قال حمار قال".
(يقرأ ما كتب على لوحة المكتب بسرور) جبهة ضد
الحيونة. وأخيراً ظهر الحق وزهق الباطل. هيا
يا سيد حمار، هيا نرَ من منا الواهم. كنت أعرف أن ما يحدث لا يمكن أن يكون نهاية التأريخ.
"قال حمار قال" !! (يتقدم نحو المكاتب باندفاع وسرور، غير مبال بصياح الحمار إياه، يلحق به الحمار.ضابط وهو مسؤول جبهة مناهضة الحيونه يلقي كلمة أمام الناس المتجمهرة)
الضابط : أيها البشر، وأقول بشر لأنكم كذلك، ومن يعود إلى التاريخ سيتأكد من أنكم كنتم بشراً،ومازلتم كذلك، ولستم حميراً، أو كلاباً، أو ما شابه ذلك.
(يتأمل بعض المتجمهرين أنفسهم باستغراب، ويتبادلون نظرات الدهشة)
والحيونه التي تعانون منها اليوم: سببها وباء حملته لكم رياح مسمومة قادمة من وراء البحار..هذه الرياح هي التي حولتكم إلى حيوانات.
جحا : حيوانات ؟!
الحمار : هس.
الضابط : وللتخلص من هذا الوباء -وباء الحيونة- ومجابهته، لا بد من إغلاق الأنوف والأفواه بإحكام.
جحا : إغلاق ماذا ؟
الحمار : الأفواه و الأنوف.
جحا : (يسد فمه وأنفه) لكن هذا مستحيل.
الحمار : هس.
الضابط : والعيون والآذان ..
جحا : (بصوت مرتفع) والآذان و العيون أيضاً ؟!
الضابط : وكل فتحة في أجسادكم.
جحا : ما هذا الكلام الغريب يا سيد ؟
(يكمُّ الحمار فم جحا)
الضابط : ما هذا الصوت ؟!
مساعد الضابط : (للضابط) لقد بدأت نوبتهم، ونخشى أن يستفحل الأمر.
الضابط : ابدؤوا الفحص .
(يتدافع بعض المحتشدين )
م. الضابط : بالدور يا جماعة. بالدور يا حمار.. بالدور يا رفيقي.
(ينظم المتجمهرين، ويبدأ عملية الفحص والتشخيص مثل طبيب بيطري، يدور حول المريض، يشد أذنيه، يطلب منه اتخاذ وضعية الحيوان بالنـزول على أربع،ثم نخز خاصرته ..) حيونة مبكرة .. حيونة مزمنة .حيونة جزئية ..
جحا : ما هذا ؟ ما هذا التشخيص ؟!
الحمار : اصمت يا جحا.
جحا : لكن هؤلاء بشر .
الضابط : ما هذا النباح ؟ نباح من هذا ؟
جحا : نباح ؟!
الضابط : هاتوه .
الحمار : اهرب يا جحا .
جحا : لماذا ؟!
الحمار : هيا .
(يقود الحمار جحا من يده ويبتعد بسرعة عن المكان .يقفان أمام مكتب آخر )
الحمار : امش .
جحا : (يقرأ لوحة المكتب) مكتب مناهضة الحيونة.
الحمار : امش يا صديقي.
جحا : جبهة، ومكتب، ما الفرق بينهما يا حمار ؟
(يرتقي صاحب المكتب –وهو مهرج شاب- مكاناً مرتفعاً، يخاطب الجموع المتجمهرة أمام المكتب)
المهرج : أيها السادة، أقول سادة وأنا على يقين تام بأنكم سادة من خيرة البشر، وما هذا الوباء الذي أصابكم، سوى نتيجة العيش سنوات وسنوات في الحظائر وممارسة العنف بحقكم وبحق أسلافكم من قبلكم.
(يتحسس جحا جسده بألم، ويطلق أنة موجعة)
جحا : العنف !!
المهرج : ولاشك أن الخلاص من هذا الوباء لا يكون بكمِّ الأفواه والأنوف.
جحا : هذا صحيح.
المهرج : وإغلاق العيون والآذان، أو أي فتحة في الإنسان.
جحا : (بحماس). أحسنت.
الحمار : اصمت يا صاحبي.
جحا : (يصفق) لا فض الله فوك.
الحمار : ماذا دهاك يا أخي ؟
جحا : لا تقل يا أخي، أنا إنسان، وسترى الآن.
الحمار : (بضيق) حسن يا إنسان.
جحا : أنا جحا، جحا الإنسان يا صديقي العزيز.
المهرج : ولا بدَّ من البدء بعملية معالجة هذا الداء : داء الحيونة. وبأسرع وقت ممكن.
جحا : عظيم.
المهرج : وقد حصل مكتبنا على العلاج الفعال لهذا الداء الذي استفحل في مجتمعنا.
جحا : رائع.
أصوات : (بفرح) هيه..
المهرج : والآن. سيختار مساعدي من بينكم حيواناً .. أقصد: أحد المصابين بداء الحيونة وسيكون ممن تمكن الداء منه تمكناً قوياً.
(يجول مساعد المهرج بين المتجمهرين وهو يتفرس في وجوههم، يدفع جحا الحمار نحو مساعد المهرج بحماس)
الحمار : ماذا تفعل ؟!
جحا : تقدم يا صاحبي، هيا.
الحمار : ولماذا أتقدم ؟
جحا : ليعالجونك، وقد تصبح إنساناً، من يدري ؟ إنه زمن العلم والعولمة، وليس الحيونة.
الحمار : لا أريد أن أصبح إنساناً، لا أريد أن أغير أصلي يا أخي.
جحا : سنصبح أخوة يا حمار.
الحمار : لا.
(يقترب منهما المهرج، يتفرس في وجه الحمار، يقرص جحا الحمار ويدفعه نحو مساعد المهرج)
جحا : هيا يا صديقي، إنها فرصتك.
الحمار : لا.
جحا : ستندم يا حمار.
الحمار : لن أفعل.
جحا : (بحنق) حمار أصيل.
(يتفرس م.المهرج في وجه جحا، يقبض على يده ويسحبه من وسط المجموع)
هيه..ماذا تفعل ؟ أنا جحا ولست ..ماذا تريد ؟! لماذا تحدق في وجهي هكذا ؟!
(يدفع م.المهرج جحا بقوة فيسقط أرضاً، يحاول النهوض،غير أن المساعد يجبره على البقاء في وضعية
الوقوف على القدمين والرجلين، يدور حوله ثم يقبض على إحدى يديه)
ماذا تفعل ؟! لست حيواناً .. أنا جحا. إنسان مثلك.
م. المهرج : انهق.
جحا : أنهق ؟!
م.المهرج : أطلق صوتاً. قل: آآآ.
جحا : (باستغراب وحنق) آآآ.
م.المهرج : كرر النهيق بصوت أقوى.
جحا : أنا لست حماراً، أنا إنسان، أنا .. (للحمار) قل لهم من أنا يا صديقي .
(يلكزه م.المهرج في خاصرته، يشد أذنيه بقوة، يتألم جحا ويطلق أنات موجعة)
الحمار :(لمساعد المهرج ) إنه جحا أيها السيد وليس حماراً.
م. المهرج : جحا ؟!
أصوات : جحا؟ جحا أيام زمان ؟! جحا .. غير معقول !!
الحمار : نعم أيها الأخوة. إنه جحا, وأنا .. وأنا ..
المهرج :(للحمار) لا تعرقل سير عملنا يا أخي. (لمساعده) أكمل عملك أيها المساعد.
(يفحص م.المهرج فم وأسنان جحا، يقدم له الشعير، يضربه على قفاه)
م.المهرج : (للمهرج) انتهى التشخيص يا سيدي.
المهرج : حسن. ابدأ العلاج .
م.المهرج : حاضر يا سيدي.
(يومئ لأحدهم، فيجلب رداءً أحمر اللون،ويجبر جحا على ارتدائه)
جحا : ما هذا ؟ ماذا تفعلون ؟ أنا أرفض .. أنا أحتج.
(يومئ المعالج إيماءة صغيرة لأحدهم، فيتم إدخال ثور معصوب العينين، ترتسم على وجه جحا أمارات الخوف والدهشة)
ثور !! لماذا الثور ؟! ماذا يعني هذا ؟!
م.المهرج : والآن تهيأ للعلاج أيها المريض.
الحمار : علاج ؟! ولكنه ليس مريضاً. إنه إنسان سليم العقل، وصحيح البدن، و..
المهرج : كان إنساناً.
الحمار : كان ؟! ولكن لماذا ألبستموه رداءً أحمر، ولماذا جلبتم هذا الثور ؟! ما معنى كل هذا يا أخي ؟
المهرج :كل هذا من أجل إثارة عاطفة الخوف، وتصعيدها إلى الدرجة القصوى.
الحمار : لم أفهم.
المهرج : للتخلص من هذه العاطفة: عاطفة الخوف، وعواطف أخرى مشابهة، جرثمت روح إنساننا. لا بد من تصعيدها بطريقة فعالة.
الحمار : ولكن..
المهرج : أف. كفى أسئلة، ودعنا نعمل. (لمساعده) هل كل شيء جاهز أيها الطبيب ؟
م.المهرج : نعم يا سيدي.
المهرج : واحد، اثنان .. ابدأ
(تنـزع العصابة عن عيني الثور. يجول الثور بنظراته في أرجاء المكان. يبصر جحا بردائه الأحمر، فيجأر
ويندفع نحوه بقوة، ينهض جحا ويركض بخوف)
جحا : ما هذا ؟! امسكوه .. سينطحني .. امسكوه. سيمزقني .. أرجوكم يا ناس ..
المهرج : اركض .. سيمزقك إن أمسك بك.
م.المهرج : ازفر بقوة وأنت تركض.
الحمار : لا تستسلم يا جحا. اركض.
جحا : امسكوه. سيبقر بطني. افعل شيئاً يا صديقي.
الحمار : احذر يا صديقي. الثور خلفك تماماً.
جحا : سأسقط. افعل شيئاً، أنقذني يا صاحبي. أنقذوني يا ناس .. النجدة.
(يركض وهو يلهث، الثور يلاحقه وهو يجأر، يسود الهرج والمرج)
الحمار : اخلع الرداء الأحمر يا جحا. اخلعه بسرعة.
جحا : أنقذوني ..
الحمار : اخلع رداءهم .
جحا : ماذا أفعل بالرداء ؟
الحمار : اخلعه بسرعة، ارمه عن جسدك .
(يحاول جحا خلع الرداء وهو يركض بهلع)
المهرج : ماذا تفعل يا مجنون ؟
م.المهرج : حذار يا حمار.
الحمار : اخلعه . هيا يا صاحبي.
المهرج : لا يا حيوان. لا تفعل ذلك، حذار.
م.المهرج : حذار يا جبان.
المجموع : - لا يا غبي.
_ لا يا متخلف.
_ عميل.
_ تابع.
_ أحسنت..
_ خائن.
_ ...
(يخلع جحا الرداء، تعلو الأصوات وتختلط. يرمي الرداء ويهبط إلى الصالة. يتجه نحو الخارج)
الحمار : جحا.
جحا : (لا يرد) ..
الحمار : إلى أين يا جحا ؟
جحا : (من الصالة) الوداع يا صديقي.
الحمار : الوداع ؟! إلى أين صاحبي ؟
جحا : سأعود إلى زماننا: أقصد إلى زمني.
(يهم بالخروج، يتأمل الحمار ما حوله بحيرة وقلق، يتردد، ينادي جحا)
الحمار : انتظر يا صديقي .
جحا : لن أنتظر لحظة واحدة .
الحمار : بل ستنتظر ، وقد يطول انتظارك كثيراً .
(يقف جحا في مكانه، يلتفت نحو الحمار باندهاش)
جحا : ماذا تقصد ؟!
الحمار : (بحزن وأسى ) ما كان عليك مغادرة زمن الحكايات. كان يجب أن تبقى هناك.
جحا : أنت السبب .لو لم تأت إلى هنا ..
الحمار : إنه زمني يا جحا. زمني الذي انتظرته طويلاً.
جحا : ( بضيق وألم ) أي زمن جاحد هذا ؟! حتى صديق مثلك يتنكر لصديقه ؟!
الحمار : ( بسخرية ) لا صداقات دائمة هنا، إنما....
جحا : إنما ماذا ؟
الحمار : دعك من هذا الكلام ما دمت تريد العودة إلى زمنك: زمن الحكايات الجميلة. فقل لي : كيف ستعود؟
جحا : سأعود كما جئت .
الحمار : ( يضحك) دخول الحمام ليس مثل خروجه يا سيد.
جحا : لم أفهم. هل هذا مثل أم قانون ؟
الحمار : لا يهم ماذا يكون. المهم هو أنك لن تستطيع الخروج من هذا الزمن بالسهولة التي تتوهمها.المسألة
تحتاج إلى حكاية:حكاية مثل الحكاية التي جئت منها.
جحا : والحكاية عند الراوي، الأمر سهل .
الحمار :لا ليس سهلاً ، لأن الراوي أيضاً أصبح حكاية قديمة. لكن اطمئن، لن نعدم الوسيلة .
جحا : كيف ؟
الحمار : ( بعد تفكير قصير ) كيف. كيف أيها الفهمان؟ (فجأة ) المسرح. هيا إلى المسرح .
جحا : المسرح ؟! وما هذا الذي اسمه مسرح ؟
الحمار : فن ساحر جميل. تروى الحكايات فيه عن طريق التجسيد، أعني : لا تسمع الحكايات فيه فقط، بل تشاهد أيضاً .
جحا : يا سلام ! لاشك أنه قبلة عشاق الحكايات الشائقة، ومورد العبر والعظات. لكن قل لي يا صاحبي. أقصد: يا من كنت صاحبي، كيف سيخرجني هذا الذي اسمه مسرح من هذا الزمن ؟
الحمار : إنها لعبته التي أتقنها منذ زمن. فاطمئن، إنه ساحر كما قلت لك، هيا .هيا نذهب إليه بسرعة.
جحا : (بسرور غامر ) هيا .
( يخرجان)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قصة رجل حر
عضو فضي
عضو فضي
قصة رجل حر


ذكر
عدد الرسائل : 1959
العمر : 38
عدد نقاط نشاطك في المنتدي : 96460
تاريخ التسجيل : 20/04/2007

مسرحية ساخرة أهلاً جحا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسرحية ساخرة أهلاً جحا   مسرحية ساخرة أهلاً جحا Emptyالجمعة 23 مايو - 20:19

اللوحة الرابعة

والآنَ في الماضي أُضِيءُ لحاضري
غَدَهُ... فَيَنَأَى بي زَمَاني عَن مَكاني
حيناً ، ويَنْأَى بي مَكاني عَن زَمَاني

محمود درويش







(مسرح المدينة : الصالة غارقة في بياض جدرانها. والمتفرجون الذين توزعوا على كراسيها ينظرون بصمت بارد إلى منصة المسرح. على خشبة المسرح ديكور بسيط لدار قضاء لا ينتمي لهذا العصر تماماً. ففي الجهة المقابلة للصالة، وعلى الجدار، علقت صورة لميزان العدالة. على جانبي الصورة. ثمة بابان: الباب الأيمن مخصص لدخول وخروج القاضي، والباب الأيسر مخصص لدخول وخروج المتهمين. نشاهد تحت الصورة وعلى مرتفع صغير، كرسياً كبيراً وأنيقاً، وأمامه طاولة عليها مجلد أسود وعصا أو مطرقة القاضي. يقف حاجب أمام الباب الأيسر قلقاً، يزداد قلقه كلما نظر إلى كرسي القاضي الشاغر. جحا الذي يجلس في الصالة إلى جانب الحمار لا يكف عن الالتفات حوله كالمأخوذ)
الحاجب : ( بعد حيرة ) محكمة .
( يكرر النداء بعد صمت قصير كمن يقدم على مغامرة.يدخل بعدها المخرج كالعاصفة )
المخرج : (بغضب مكتوم ) هس. ما هذا يا غبي.(للجمهور .بحرج) نحن آسفون يا جماعة، آسفون جداً. تخلف الممثل الذي يؤدي دور القاضي عن الحضور، ولذلك .. قد نضطر إلى إلغاء عرض الليلة .
( يتقدم الممثل الذي يؤدي دور الحاجب من المخرج بحماس )
الممثل : لا حاجة لإلغاء العرض يا أستاذ، فأنا أستطيع أداء دور القاضي .
المخرج : ( بسخرية ) أنت ؟!
الممثل : نعم أستاذ، لقد حفظت الدور جيداً .
المخرج : إذا كنت ما تزال تخطئ في أداء دورك القصير، فكيف حفظت دور القاضي؟!
الممثل : وهل يقول من يؤدي دور القاضي شيئاً؟ الملقن هو الذي يقول كل..
المخرج : ( بعصبية) اصمت.
الممثل :( باستكانة ) حاضر .
(ينسحب الممثل بذل.يدخل الملقن من خلف الستارة)
الملقن : أنا حفظت الدور يا أستاذ، أستطيع أن ..
المخرج : ( بضيق وبما يشبه الهمس) أنت؟ لماذا خرجت من مكانك ؟
الملقن : لقد حفظت الدور، فلماذا..
المخرج : ومن سيؤدي دورك يا فهمان ؟ أنت الملقن، ودورك هو الأساس.
الملقن : ولكن..
المخرج :( بحزم ) عدْ إلى مكانك .
الملقن : ( وهو يعود إلى مكانه خلف الستارة ) حاضر. حاضر يا أستاذ .
( يتأفف المخرج وهو ينظر إلى الجمهور. يقع بصره فجأة على جحا. يدقق النظر فيه. تعلو وجهه ابتسامة عريضة. ينتاب جحا إحساس بالحرج )
المخرج : ( لجحا ) أنت، أنت يا عم. أقصد: ذاك الذي يعتمر عمامة.
الحمار : ( لجحا ) إنه يعنيك يا جحا .
جحا : (باستغراب ) أنا ؟!
الحمار : نعم أنت، ومن غيرك في هذا المكان يعتمر عمامة؟
المخرج : تفضل إلى هنا. تفضل واصعد إلى المنصة .
جحا : (باستغراب. للمخرج ) لماذا، ماذا تريد ؟
المخرج :عندما تصعد إلى المنصة ستعرف، تفضل يا عماه .
الحمار : هيا اذهب يا صاحبي .
جحا :(بتردد وهو يتجه نحو الخشبة) لكن لماذا.ما الأمر؟!
المخرج : أهلاً. أهلاً بالقاضي.
جحا : القاضي؟! أنا لست قاضياً يا سيدي. أنا..
المخرج : سبحان الله .إنك تشبهه تماماً، تشبه شخصية القاضي التي ستؤديها. تفضل يا سيدي، تفضل واجلس على كرسيك كي يبدأ العمل .
جحا : ما هذا الكلام يا سيدي ؟! أنا لا أحسن أداء هذا العمل، القضاء عمل يحتاج إلى رجل ذي كفاءة عالية .
( يهم بالنـزول عن الخشبة. يمسك به المخرج ويسحبه نحو الكرسي. ويجلسه عنوة )
المخرج : لا كفاءة عالية ولا بطيخ يا رجل . اجلس على هذا الكرسي وكفى .
الحمار : ( بصوت مرتفع. لكن بما يشبه الهمس ) اجلس يا صاحبي. اجلس . إنها فرصتك يا صديقي.
جحا : لكن ..
الحمار : اجلس يا أبا غصن. اجلس كي تحقق مرادك .
جحا : ( وهو يجلس باستسلام و سرور) حسن .
المخرج : أحسنت.
جحا : لكن كيف سأؤدي دور القاضي وأنا.. ؟!
المخرج : لا عليك . اجلس على هذا الكرسي فقط .
جحا : وهل يكفي ذلك ؟!
المخرج : ( يغمز الجمهور بعينه كمن يتحدث إلى مغفل ) يكفي. طبعاً يكفي.
جحا : (باستغراب شديد ) حسن. وماذا بعد ؟ ماذا يفعل القاضي بعد ذلك ؟
المخرج : لاشيء سوى تكرار كلام الملقن بصوت عال.
جحا : الملقن ؟!
المخرج : صوت هامس يأتيك من خلف الكواليس، فتردده بصوت عال ومسموع.
جحا : فقط ؟!
المخرج : فقط .
جحا : (مازحاً ) وإذا لم أفعل ؟
المخرج : (بلهجة وعيد ) حذار .
جحا : (وهو يداري خوفاً غامضاً ) حسن. حسن يا سيدي. بقي أن أسألك..
المخرج :(يقاطعه. بضيق ) أف.. كفى أسئلة يا عماه. لقد تأخرنا، يجب أن نبدأ.
جحا : إنه سؤال صغير.
المخرج : قله بسرعة .
جحا : هل حقاً سأتمكن من مغادرة هذا الزمن إذا فعلت ذلك ؟
المخرج : نعم .بل يجب أن تفعل ذلك، لأن الشخصية التي ستؤدي دورها لا تنتمي لهذا الزمن .
جحا : (بسرور ) وإلى أي زمن تنتمي ؟
المخرج : إلى زمن آخر. زمن الحكايات. زمن جحا .
جحا : ( باستغراب وسرور ) جحا ؟!
المخرج :(بضيق زائد ) نعم جحا ، جحا الذي ستمثل الآن دوره يا عماه .
جحا : أمثل دور من ؟! كيف أمثل دور جحا وأنا جحا ؟
المخرج : (بسرور كمن لم يصدق ) أنت جحا ؟
جحا : نعم . أنا جحا .
المخرج : (بسخرية وهو ينقل نظراته بين الممثلين والجمهور ) إذن أنت جحا ؟
جحا : أقول لك أنا هو. اسأل صديقي الحمار إن كنت لا تصدقني (للحمار بصوت مرتفع) من أنا يا صديقي؟
الحمار : أنت جحا .إنه جحا أيها السيد المخرج . جحا بشحمه ولحمه .
جحا : هل سمعت ماذا قال ؟ قال ..
المخرج : سمعت. سمعت يا جحا. (بصوت مرتفع وهو يخاطب الجمهور) لنصفق للفنان جحا. أقصد القاضي جحا .
المتفرجون : ( يصفق الجمهور مع المخرج وينادون ) جحا . جحا ..
(تطفأ الأنوار بإشارة من المخرج الذي ينسحب إلى
الداخل. ينادي جحا حماره وسط الظلمة الهابطة )
ص جحا : تعال يا صاحبي. اصعد إلى هنا لنعود معاً إلى زماننا.
ص الحمار : مع السلامة يا جحا . مع السلامة يا صديقي.
( تُضاء الأنوار بعد لحظات. يظهر جحا جالساً على كرسي القاضي. والحاجب واقف أمام الباب. يسود صمت قصير. جحا في حالة حيرة)
ص الملقن : محكمة. محكمة .
جحا : (بشكل ببغائي ) محكمة. محكمة .
ص الملقن : اصمت أنت . الكلام للحاجب .
جحا : (بهمس للملقن ) ماذا ؟ لم أفهم .
الحاجب : ( كمن استيقظ من نومه فجأة .بصوت عال) محكمة .
( يقف الجميع باستعداد وكذلك يفعل جحا)
ص الملقن : اجلس أنت . اجلس أيها القاضي.
جحا : اجلس أنت أيها.. .
( يوجه كلامه للحاجب، وعندما لا يجلس الحاجب. يجلس هو )
حسن. لتجلس يا جحا. ( يضرب الطاولة بالمطرقة. )
الحاجب : محكمة .
جحا : القضية رقم واحد .
الحاجب : ( بصوت مرتفع ) القضية رقم واحد.
( يدخل رجلان وشرطي . يندفع الرجلان نحو جحا بحماس المظلوم )
الرجل 1 : جاري يا سيدي القاضي. جاري هذا جار عليَّ.
الرجل 2 : بل هو من جار عليَّ يا سيدي . رمى الأوساخ في الشارع. ومقابل باب داري تماماً.
الرجل 1 : بل هو من فعل ذلك يا سيدي. فأساء إليَّ وإلى الشارع .
الرجل 2 : أنا أسأت إلى الشارع يا مشوه الشارع ؟
الرجل 1 : أنا مشوه يا مفسد ؟!
الرجل 2 : وأزعر .
الرجل 1 : وأنت مخرب .
جحا : ( بحزم ) كفى .
الرجل 2 : مجرم .
الرجل 1 : عميل .
جحا : ( للشرطي الذي كان يتابع ما يحدث برضى وسرور ) مُرهم بالتزام الهدوء أيها الشرطي.
الشرطي : ( يصفع الاثنين بعنف ) كفى . كفى .
( يصمت المتخاصمان بخوف )
جحا : ( بضيق ) ما هذا أيها الشرطي؟ قلت لك مُرهم بالتزام الهدوء؛ لا اضربهم .
ص الملقن :( بهمس ) أحسنت أيها الشرطي .
جحا : ( باستغراب ) ماذا ؟!
ص الملقن : قل : أحسنت أيها الشرطي.
جحا : ( بعد تردد ) أحسنت أيها الشرطي، هل حققتم في الأمر أيها..الشرطي؟
الشرطي : نعم يا سيادة القاضي .
جحا : وماذا وجدتم ؟
الشرطي : أوساخ متراكمة في وسط الشارع .
جحا : في وسط الشارع تماماً ؟!
الشرطي : نعم يا سيادة القاضي .لقد تأكدنا من ذلك بعد إجراء القياسات اللازمة.
جحا : ولماذا اعتقلتم هذين الرجلين إذا كانت الأوساخ في وسط الشارع ؟
الشرطي : لأن أحدهما لا بد أن يكون هو الفاعل. وسيكون عليه واجب إزالة هذه الأوساخ، ودفع الغرامة المستحقة، وتنفيذ عقوبة السجن.
الرجل 1: (بخوف ) أنا لم أفعل ما يُسيء إلى الشارع يا سيدي القاضي .
جحا : هذا صحيح. أنت بريء أيها السيد.
الرجل 2: ( بهلع ) وأنا لم أفعل ذلك يا سيدي، أقسم أنني لم ألوث الشارع .
جحا : هذا صحيح. وأنت أيضاً بريء.
الشرطي : ( باندهاش ) كيف ذلك يا سيادة القاضي؟! لا بد أن يكون وراء تلويث الشارع مذنب ؟
جحا : هذا صحيح .
الشرطي : ( بعدم رضى ) من هو المذنب إذاً ؟!
جحا : أنت .
الشرطي : (بسخرية واستهجان ) أنا ؟!
جحا : نعم أنت ، مادام الأمر يتعلق بالشارع، فلا بد أن يكون المذنب هو أنت .
ص الملقن : ( بحنق وهمس ) خطأ . خطأ.قل : كلاهما مذنب.حكمت المحكمة..
جحا : ( دون أن يلتفت لصوت الملقن . يضرب الطاولة بالمطرقة) حكمت المحكمة
ص الملقن : على المتهمين..
جحا : ( دون أن يسمعه ) على.. على
ص الملقن : على المتهمين بالعقوبة..
جحا : حكمت المحكمة على .. على الشرطي بالعقوبة المنصوص عليها في القانون.
ص الملقن : خطأ أيها المغفل . لقد خرجت عن النص. ردد ما تسمع فقط .
جحا :( يقاطعه . للحاجب ) أيها الحاجب ، قُد الشرطي خارجاً .
( يقود الحاجب بعد تردد الشرطي المنزعج خارج المحكمة. يتبعهما المتخاصمان وهما في حالة ذهول وعدم تصديق ) القضية التالية.
الحاجب : القضية رقم 2 .
( يدخل رجل: سيد يحمل بيده عصاً غليظة. تبدو عليه سيماء الجاه والسطوة. وامرأة ترتدي ثياباً
بسيطة، يكتسي وجهها الحسن شحوب المقهور الذي وقع في ورطة )
المرأة : ( بذل وألم ) الرحمة . الرحمة يا سيدي القاضي.
صاحب العصا : ( بعنف ) اصمتي. لا رحمة لمن يخون .
جحا : (باستهجان ) خائنة ؟!
المرأة : لست خائنة يا سيدي . أقسم أني لست ..
صاحب العصا : قلت اصمتي .
جحا : ( بضيق ) أنا من يأمر هنا أيها السيد .
صاحب العصا : إذن أصدِرْ أمراً بمعاقبة هذه الخائنة .
جحا : خائنة ؟! يا ستار.كيف تخونين زوجك يا امرأة ؟!
صاحب العصا : ( باحتقار ) زوجتي ؟! ما هذا أيها القاضي، أنا أحد سادات هذه المدينة، وهذه.وهذه..
جحا : (يقاطعه ) فهمت.(للمرأة) من خنت يا امرأة .. وطنك ؟
المرأة : (برعب ) لا .لم أخن وطني يا سيدي القاضي .
صاحب العصا : ( بعصبية ) وماذا تسمي ما فعلته معي أيتها السارقة ؟
جحا : سارقة ؟!
المرأة : أنا لست..
صاحب العصا : اصمتي .
جحا : (بعصبية ) بل اصمت أنت أيها السيد .
صاحب العصا : ( باستغراب وضيق ) أنا أصمت ؟!
ص الملقن : ( بهمس يزداد انفعالاً ) ما هذا أيها القاضي؟! قل: العفو. العفو يا سيدي ..
جحا : ( للمرأة ) العفو. العفو يا سيدتي. تفضلي بالكلام .
صاحب العصا : (بسخرية وضيق ) كيف تسمي هذا الشيء سيدتي ؟!
جحا : قلت : اصمت. وإلا أمرت بإخراجك من المحكمة .
صاحب العصا : يا للسخرية !!
ص الملقن : خطأ أيها القاضي..
جحا : ( للملقن. بصوت منخفض )لا. ليس خطأً. ليس خطأً .
ص الملقن : قل ما تسمع مني. هيا. قل..
جحا : ( يقاطعه. للمرأة ) قولي. قولي ما لديك أيها السيدة.
المرأة : (بخوف وهي تنظر إلى صاحب العصا التي يلوح بها) بصراحة..
جحا : طبعاً بصراحة .
المرأة : أنا..
جحا : أنت ماذا ؟ تكلمي .
المرأة : أنا.. لن أتكلم قبل سيدي. ليتكلم هو أولاً.
جحا : (باستسلام وامتعاض ) حسن. تكلم أنت أولاً يا سيدها .
صاحب العصا : اسمع أيها القاضي. هذا الشيء الذي أسميته سيدة: هي خادمة في قصري، حين أعدت طعام
الغذاء قدمت لنا إوزة مشوية كانت..
جحا : مسمومة ؟
صاحب العصا : لا .
جحا : مصابة بأنفلونزا الطيور ؟
صاحب العصا : لا .
جحا : كيف كانت إذاً ؟
صاحب العصا : كانت إوزة برجل واحدة.
جحا : نعم . وماذا بعد ؟
صاحب العصا : ( باستغراب واستهجان ) وماذا بعد..لا شيء. لا شيء سوى أنها خانت سيدها .
المرأة : (بذل وخوف ) أقسم أنني لم أفعل يا سيدي.لم أسرق رجل لإوزة .
صاحب العصا :كاذبة . ( يضرب المرأة بالعصا ) اعترفي . هيا اعترفي .
جحا : (بغضب) كفى.كفى أيها السيد ، لا يجوز فعل ذلك هنا .
صاحب العصا : ( يهدأ ) إنها خائنة، خائنة .
جحا : ( باستهجان ) خائنة ؟!
صاحب العصا: نعم ، ويجب أن تنال جزاءها .
جحا : إنها مجرد متهمة. ولم تثبت إدانتها.
صاحب العصا : ما هذا الكلام الغريب أيها القاضي ؟! أين رجل الإوزة إذاً.. من سرقها ؟!
المرأة : لا أعرف يا سيدي. أقسم أنني لا ..
صاحب العصا : هذه العصا ستجعلك تعرفين أيتها الخائنة .
( يهم بضرب المرأة )
ص الملقن : ( الذي يبدأ بالتشنج ومن ثم بالخفوت ) قل: اضربها. اضربها.
جحا : ( بصوت منخفض . للملقن ) هذا لا يجوز. لا يجوز.
ص الملقن : ردد ما تسمعه يا حيوان .
جحا :(بضيق وقد بدأ لا يلتفت لصوت الملقن ) أنا حيوان؟!
ص الملقن : قل. أحسنت. اضربها..
جحا : اضربها. لا تضربها. فقد تكون هذه المرأة صادقة .
صاحب العصا: صادقة ؟! غير معقول أيها القاضي. قلت لك : أنا أحد سادات هذه المدينة، أعرفها جيداً،لم أر، ولم أسمع بوجود طائر في كل مدينتي له رجل واحدة فقط .
جحا : هل أنت واثق مما تقول ؟
صاحب العصا: طبعاً . فأنا أعرف كل شاردة في مدينتي، وكل واردة.
جحا : (يلتفت نحو النافذة. بتخابث) انظر إلى ذلك الطائر، هل تراه. إنه برجل واحدة .
( ينظر صاحب العصا من خلال النافذة إلى لقلق يقف على ساق واحدة )
صاحب العصا : إنه لقلق، وللقلق رجلان. لكنه، وكعادته، يقف على رجل واحدة بين الفينة والأخرى.
جحا : أنا لا أرى سوى رجل واحدة .
صاحب العصا :(بعصبية وتحد) حسن. سأريك الآن رجله الأخرى .
( يذهب صاحب العصا نحو الباب. ينادي بصوت مرتفع وآمر ) أيها الشرطي. أيها الشرطي.خذ. (يعود بعد قليل إلى القاعة ويتجه نحو النافذة . لجحا) تعال وانظر. (يقهقه بعد لحظات من النظر من خلال النافذة ) ما رأيك ؟ لقد جعلته العصا يسير ويجري على اثنتين.
( يعود الشرطي ومعه عصا السيد. ينتزع جحا العصا من يده . ينادي الحاجب )
جحا : أيها الحاجب. ارفع قدمي هذا السيد إلى أعلى.
الحاجب : (برعب ) سيدي القاضي.
صاحب العصا : هل جننت يا هذا ؟!
جحا : (بحزم ) هيا أيها الرجل . هيا أيها الحاجب.
الحاجب : (بخوف وتردد ) لكن هذا لا يجوز ، نحن..
جحا : بل يجوز. كل شيء هنا أصبح جائزاً.
( بتردد وخوف يرفع الحاجب قدمي صاحب العصا عالياً . يبدأ جحا بالضرب عليها )
ص الملقن : ماذا تفعل يا مجنون ؟! خطأ . خطأ .
صاحب العصا:( وهو يتألم ) مجنون. خائن. عميل .
( يكف جحا عن الضرب. يسير صاحب العصا على أربع من شدة الألم )
جحا : ما رأيك ؟ لقد جعلت عصاك إنساناً مثلك يمشي على أربع، فكيف تعجز عن جعل طائر في مدينتك يمشي على اثنتين ؟
ص الملقن : لقد خرجت عن دورك. عُدْ إلى كرسيك أيها الأحمق.
صاحب العصا: ( بحنق) غبي .
الحاجب : (للمرأة. بهمس) ممثل فاشل. لم يجسد دوره كما يجب.
المرأة : (بهمس و إعجاب) بالعكس .
الحاجب : (بخوف ووعيد ) ماذا ؟!
المرأة : ( بهلع ) هذا صحيح، ممثل فاشل. وأحمق .
صاحب العصا : (بهمس) هات العصا .
جحا : ماذا ستفعل بها ؟
صاحب العصا : (بهمس وحرج من الجمهور ) أنا السيد هنا. ولا بد أن تكون العصا معي .
جحا : لا.
ص الملقن : أعطه العصا كي ننهي المسرحية .
الحاجب :( كمن يريد إنقاذ الموقف. بتملق ) إنه السيد هنا يا حضرة القاضي .
جحا : حسن. مادام الأمر كذلك؛ فسأعطيك عصاً أخرى أيها السيد. ( يقدم له مطرقة المحكمة )
صاحب العصا : ما هذا ؟!
جحا : عصاً بعصا.
صاحب العصا : لا. لا أريد سوى عصاي .
جحا : انس أمر هذه العصا أيها السيد . لقد قررت المحكمة مصادرتها.
ص الملقن : (وقد بدأ يغضب ) أعطه العصا يا غبي وانحنِ للجمهور .
صاحب العصا : قلت لك هات العصا. هاتها بسرعة .
جحا : لقد صادرتها المحكمة وانتهى الأمر.
ص الملقن : أعطه العصا. أعط السيد عصاه .
صاحب العصا : ( بحنق) وماذا ستصنع المحكمة بعصاي ؟
جحا : لقد قررت المحكمة كسرها .
صاحب العصا : كسرها ؟!
ص الملقن : كسرها ؟!
( يحاول جحا كسر العصا فلا يفلح .تعلو الأصوات الرافضة من الكواليس وخلف الستارة )
الأصوات : - لا تفعل .
- مجنون .
- غبي .
- حذار .
صوت الحمار : لا تفعل يا جحا . حذار يا صديقي. حذار.
( يدخل المخرج والملقن وممثلون آخرون. يتجهون نحو جحا بغضب )
صاحب العصا : هات العصا يا غبي .
جحا : يجب كسرها .
المخرج : لا تفعل يا مجنون .
جحا : لا بد من كسرها .
الملقن : مارق .
الحاجب : غبي .
المرأة : انتبه يا جحا .
المخرج : ستندم .
جحا :( للجمهور بعد أن يعجز عن كسرها ) من يستطيع كسرها. لا بد أن تكسر هذه العصا.
( يضيقون عليه الخناق. يهبط إلى الصالة وهو يحمل العصا ويقدمها للجمهور )
المخرج : عميل .
الملقن : متآمر .
الحاجب : غوغائي .
الحمار : حذار يا جحا . أعطهم العصا.
المرأة : حذار يا جحا .
جحا : اكسروا هذه العصا. اكسروها يا ناس . لا بد من أن تكسروها . هيا يا ناس.
( تهبط مجموعة من الممثلين إلى الصالة . تتجه نحو جحا الذي يدور بالعصا في الصالة وهو يطلب من الجمهور كسرها. تشبك المجموعة أذرعها بذراعيه. تقوده نحو الخشبة التي أعدت عليها مشنقة معلقة فوق كرسي القضاء)
جحا :(بخوف وبصوت أعلى وهو يُقاد إلى حيث المشنقة ) افعلوا شيئاً يا ناس. هؤلاء لا يمثلون. أنتم واهمون. إنهم جادون فيما يفعلون . افعلوا شيئاً..
(ينتزع المخرج العصا من يده ويسلمها لصاحب العصا. يرفعون جسده ليقف على الكرسي. يضع
المخرج الأنشوطة حول رقبته. ثم يطلب من الحاجب أن يركل الكرسي. يتقدم الحاجب من
الكرسي. وقبل أن يركله يصيح جحا بصوت يائس ومرعوب ) افعلوا شيئاً. افعل شيئاً يا..
(يركل الحاجب الكرسي بقدمه فيتدلى جسد جحا ويتأرجح في الهواء. يصفق المخرج. ويصفق الممثلون وهم يبتسمون وينحنون للجمهور، يقف الجمهور ويصفق بحماس. يغادر الممثلون الخشبة عدا المرأة التي تتأمل منظر جحا المتأرجح في الهواء باستغراب وخوف، يدخل المخرج بعدها بقليل. ينحني أمام الجمهور،ويحني رأس المرأة بعنف، ثم يسحبها خلفه إلى الكواليس. يصعد الحمار إلى الخشبة، يحتضن جسد جحا ويبكي بحرقة).




== انتهت ==
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ahOod
عضو نشط جداً
عضو نشط جداً
ahOod


انثى
عدد الرسائل : 3831
العمر : 31
عدد نقاط نشاطك في المنتدي : 95918
تاريخ التسجيل : 23/05/2007

مسرحية ساخرة أهلاً جحا Empty
مُساهمةموضوع: رد: مسرحية ساخرة أهلاً جحا   مسرحية ساخرة أهلاً جحا Emptyالجمعة 23 مايو - 21:15

:bravo:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسرحية ساخرة أهلاً جحا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي شباب المسرح :: اقسام الفديو :: منتدي المسرحيات-
انتقل الى: