حقوق الضعفاء في الإسلام
الضعفاء في المجتمع المسلم لهم شأن كبير، فقد اهتم بهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن "أبي الدَّرداءِ" قال: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "ابغُوني في ضعفائِكُمْ فإنَّما ترزقُونَ وتُنصرونَ بضعفائِكُم".
أخرجه "الترمذي" في سننه.
وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فمن يريد إتباع النبي "صلى الله عليه وسلم" فلابد أن يهتم بالضعيف، والمسكين، والمريض، ويهتم بالغريب، ويهتم بالأرملة، والمطلقة، والمسن، والصغير.
والغريب أن المسلمين ينبهرون بحضارة وثقافة الغرب في التعامل مع الضعفاء، وهذا الانبهار سببه قلة زادنا من الثقافة الإسلامية، فنحن لا نعرف ما يقوله الإسلام، فأصبحنا ننبهر بالأقل لأننا لا نعرف الأعلى.
والضعفاء في الفكر الإسلامي جعل الله ـ عز وجل ـ لهم سلطانًا، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يُعلِّم أصحابه أن الضعيف أمير الركب، فالركب كله يسير طبقًا لعدم إيذاء الضعيف وحسب قدرته على السير.
عَنْ "مُعَاوِيَةَ" قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لا تُقَدَّسُ أُمَّةٌ لا يُقْضَى فِيهَا بِالْحَقِّ وَيَأْخُذُ الضَّعِيفُ حَقَّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ".
رواه "الطبراني" في "المعجم الكبير".
وكان أحد الصحابة يحمل أمه في الطريق، فكان يجعل لها حمالاً يحملها عليه ويسير بها في الطريق حتى لا يؤذيها وجود الناس في الطرقات؛ لأنها كانت ضعيفة ولا تستطيع أن تتحرك، فلم يقل لها اجلسي في البيت ولا تتحركي وإنما كان يحملها.
أيضًا نصرة المظلوم في الطريق وصلت لدرجه من الأمور الواجبة، فقد رُوِيَ عَنِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رَُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "لا يَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ مَوْقِفًا يُقْتَلُ فِيهِ رَجُلٌ ظُلْمًا، فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَ حِينَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ، وَلا يَقِفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَوْقِفًا يُضْرَبُ فِيهِ أَحَدٌ ظُلْمًا، فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ حِينَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ".
رواه "الطبراني" في "المعجم الكبير".
فعندما نجد في الطريق رجلاً يتعرض لمشكلة أو أزمة، فلا يجب أن نتركه ضعيفًا يعتدي عليه، فهناك تهديد من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن من ترك الفقير والضعيف أو المسكين وهو يُظلَم، فالله تعالى سوف يعرضه للظلم، ولا يجد من يأخذ بيده، فقد رُوِيَ عن عَبْدِ اللهِ بْنَ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: "المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ في حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمَاً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ".
أخرجه "البخاري" في "صحيحه".
إذًا كل ضعيف له حقوق حتى الصغار، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يبدأهم بإلقاء السلام، ولذلك كانوا يحبونه، فقد وجد ـ صلى الله عليه وسلم ـ طفلاً صغيرًا يتعثر في ثوبه، وكان يخطب الجمعة، فنزل من على المنبر ومشي بين المصلين، حتى وصل إلى الطفل فحمله وصعد به المنبر، ليكمل خطبته.
حتى الحيوان الأعجم، فإيذاء الحيوان في الطريق العام تصدى له الإسلام، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجد شخصًا في الطريق يضرب حمارًا، فتوقف الرسول ليعلمه أن قدرة الله عليه أكبر من قدرته على هذا الحمار، وينبهه إلى أن هذه الحيوانات العجماء لها حق، لدرجة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى طفلاً يؤذى عصفورًا في الطريق، فأخبره بإن الله تعالى يعذب الذين يعذبون هذه الحيوانات.
وستفاجأ بأن الفقه الإسلامي يقول: إنه إذا أشتد الحر، فمن السنة أن يؤخر خروج الناس في الطرقات لصلاة الظهر والعصر والجمعة، لكي يتقوا هذه الحرارة الشديدة، رعاية لأمر الضعفاء في الطريق العام، بل ورد في السنة أن يجمع الظهر مع العصر عند شدة الحرارة.