عندما يلتقي رجل وامرأة للمرة الأولى ..
يكاد كل منهما ألا يرى ملامح الأخر بوضوح ... أو قد لا يراها مطلقًا !!..
بسبب هذا الكم الهائل من الأقنعة التي يحاولان الاختفاء خلفها !!!...
قابلتها لأول مرة وأنا أتساءل : كيف هي ؟ من هي ؟ وكيف سيكون اللقاء ؟!! حارًا أم باردًا ؟ جميل أم سخيف ؟ لا أدري !!.
كنت مضطربًا جدًا.. مشوش الأفكار .. كانت تأتيني في بعض الأحيان أفكارًا لامعة كأنها النجوم في السماء ، نعم سيكون اللقاء جميلاً جدًا لدرجة لا أستطيع تخيلها !! ..
وأحيانًا أخرى ، كانت تلك الأفكار القاتمة السوداء تداهمني .. فأجد نفسي فريسة للخوف من اللقاء ، بل إلغاء الموضوع من أساسه ..
ومحاولة خلق الأعذار عن سبب عدم مجيئي
" لقد كنت مريضًا مرض عجيب غريب داهمني على حين غرة قبل ساعة واحدة من الموعد أقعدني في الفراش "
نعم .. سوف تنجح هذه الحيلة المبتكرة !!..
الوقت يمر بسرعة .. أصبحت الساعة المتبقية خمسة عشر دقيقة ولم يعد بإمكاني الفرار!.. إنه اللقاء إذن ...
حاولت جاهدًا تهدئة نفسي المضطربة .. هذا فقط ما يمكنني فعله في الدقائق القليلة المتبقية.
ولكن .. لما هذا الخوف من اللقاء !!؟
صحيح هي المرة الأولى التي أواجه فيها مثل هذا الموقف ، وهناك حقيقة أخرى ليتني أستطيع إنكارها ..
فأنا أمتلك رد فعل سلحفاة ، استيقظت بعد ثبات طويل، لتجد نفسها في حقبة زمنية مختلفة !!!...
دقات قلبي تتزايد ،، يكاد يقفز من صدري فيثنيني عما أنا مقدم عليه ..
"إذا كان هذا هو حالي ... فماذا عنها ؟!!
فتاة تقابل شابًا غريبًا عنها لأول مرة !! لم تره من قبل أو حتى سمعت صوته !! موقف غريب جدًا.. الموضوع عجيب من أوله لأخره ....
حان موعد اللقاء ،، لكن كيف سأعرفها أنا الأخر ؟! سأعرفها حتمًا ،، فتاة تبحث عن شيء ما . لا تجده هنا وهناك ،، وأمامها مباشرة وقف شاب يبحث هو الأخر بتوتر،، هذه هي بالتأكيد !!
اقتربت منها في هدوء مصطنع ، وألقيت عليها التحية ..
- أنتي فلانة ؟
- أومأت برأسها بالإيجاب وسألت : أنت فلان ؟؟
- نعم
أظنها انتظرت مني أن أرفع يمناي لأسلم ،، لكني تغاضيت عن الموضوع ، فقد كانت يمناي ويسراي ترتعشان في اضطراب، ولم أرد أن أظهر لها ارتباكي من أول لحظة.
جلسنا في مكان مناسب ،، وسرعان ما جاء أحدهم وسأل " تشربوا إيه ؟؟"
فكررت السؤال بغباء معهود وفرح شديد " تشربي إيه ؟؟"
ذهب ليحضر كوبين من العصير ،، وهرب وتركني !!!
وجاء العصير ، كل هذا وأنا غارق في صمت طويل ... لم يعد هناك بد يجب أنا أبدأ الحديث !!!
بدأت أتكلم أي كلام في أي شيء ، أتكلم وأتكلم ،، وكنت كلما فتحت موضوع للحديث أتصرف بخبث شديد !،،
كنت أفتح الموضوع ثم أرمي بالكرة إلى ملعبها حتى تتكلم هي ،، وكانت تبدأ الكلام وأنا لا أستمع إليها مطلقًا بل أتجهز للموضوع التالي...
فكنت فجأة أجدها تنظر إلىَ وعلى وجهها علامات استفهام ،، يبدو أن الكرة في ملعبي الآن وأنا لم أركز بل لم أسمع سؤالها تمامًا !!
كنت أكتفي بابتسامة أو تعبير جادًا بوجهي ثم أغير الموضوع بسرعة ،، ولم تكن تلاحظ شيئًا !!
نجحت الحيلة مرة .. ومرة .. ومرة ..........ومرات !!!..
غير معقول ما الذي يحدث ؟!! لم تكشف أمري إلى الآن ! أهي بهذا الغباء ؟!!
فقررت أن أستمع إليها وأركز في الحوار،، وكانت المفاجأة الكبرى !! إنها تتبع نفس الخطة ،، لا تسمعني مطلقًا إنها في عالم أخر !! كل منا يتكلم في واد ..!!
ياللمهزلة الكلامية !! ضحكت بصوت عالٍ .. فصمتت ورمقتني بنظرة غاضبة .. يبدو أنها اعتقدت أني أستهزئ بها !!
فقالت والشرر يتطاير من أعينها
- بتضحك على إيه !؟ كلامي بيضحك ؟؟!!"
للأسف لم أستطع منع نفسي من الضحك حتى سال الدمع من عيني ...
رأيتها على وشك الانفجار.. قلت ستصفعني على وجهي !!.
لكن الحمد لله ... فقد قامت فجأة تقول أشياء كثيرة غاضبة سمعت منها
- حقيقي أنا آسفة إني قابلت واحد مثلك !!!
واندفعت بكل قواها للخارج ...
وهنا تنبهت ... ( أخيرُا !!!! )
المفروض أن أعدو خلفها ،، مهدئًا إياها معتذرًا آسفًا،، شيء بسيط أثناني عن القيام بهذه المحاولة الأخيرة للحفاظ على ما تبقى من علاقتنا ... أو ما تبقى من أمل إنشاء علاقة بيننا..
فقبل أن تمشى سكبت كوب الماء بالكامل على رأسي ......
جلست محرجًا جدًا .. وكأني طفل صغير عاقبته أمه..
حمدت الله كثيرًا أنه لم يكن كوب العصير ...!