* الوفد: هل نستطيع تصنيع الوقود النووي حتي نتخلص من التبعية في مسألة التشغيل للمحطات النووية أم سنظل تحت قيود تفرضها الجهات الموردة لهذه المواد؟
ـ لدينا خلفية قوية جدا لتصنيع وقود مفاعلات الأبحاث التي لدينا، ولكننا نستورد المواد التي تدخل في التصنيع جاهزة كأكسيد اليورانيوم. وتوجد مراحل كثيرة جدا قبل عمليات التصنيع وهي العمليات التي تريد إيران تنفيذها حاليا، حيث تخصب اليورانيوم وبعد ذلك تبدأ عملية الفصل حيث أن الإنشطار في اليورانيوم 235 توجد نسبة منه قليلة جدا في الحالة الطبيعية للخام، ويتطلب الأمر أن يتم تنشيطه ليصل إلى يورانيوم مشع 238 الموجود بنسبة 7% في اليورانيوم. وحتي يتم تصنيع وقود نووي مخصب لابد أن يكون على الأقل 20% من الكمية اللازمة لتشغيل المفاعل أو حتى 3% لبعض أنواع المفاعلات و يرتفع إلى 80% بمفاعلات أخرى أو القنابل الذرية. وعلى العموم عملية التخصيب هذه بالغة الصعوبة والتعقيد ويكفي أنها تحتاج إلى متسلسل لإتمام عملية التخصيب عبارة عن آلاف الوحدات لإتمام عمليات الفصل لليورانيوم المخصب، وهى تكلف أموالا باهظة لإنشائها. ومحطات تخصيب اليورانيوم محدودة على مستوى العالم.
* الوفد: عدم تصنيع الوقود المخصب هنا ألا يحول المشروع النووي إلى عنصر مكلف جدا خاصة أن هذا المحطات النووية ستكون لأغراض سلمية تماما؟
ـ د.عزت: تكلفة المحطة النووية تتراوح ما بين 2-3 مليار دولار وهي تكلفة عالية إذا ما قارنتها بالمحطات الحرارية التقليدية، ولكن عندما نحسب تكلفة التسعير على عمر المحطة التي يصل عمرها الإفتراضى إلى نحو 40 عاما تصبح الكلفة أقل. وإذا وضعنا حسابات التكلفة على مرحلتين وهما التكلفة الاستثمارية وتكلفة التشغيل نجد أن تكلفة التشغيل اليومية في المحطات النووية أرخص كثيرا حيث إن سعر وقود اليورانيوم أقل كثيرا من كميات الفحم أو البترول الهائلة التي نستخدمها. وعندما نأتي في تشغيل المحطة لتوليد الكهرباء لمدة 30 أو 40 سنة نجد أن التكلفة في التشغيل هى العنصر المهم حيث يتم حساب تكلفة الكيلو وات ساعة على عنصري التكلفة الرأسمالية والتشغيلية. والمقارنات دائما تعقد دائما بين توليد الكهرباء من المحطات النووية والمستخرجة من الفحم والبترول. ومن المعروف علميا أن تكلفة المحطات النووية أقل كثيرا من غيرها.
* الوفد: هل يمكن أن تنشأ صعوبات في تمويل المشروع النووي؟
ـ د.عزت: الصعوبات التي تواجه المشروع في بدايته هي التكلفة الرأسمالية، وأتصور أن يتم التغلب عليها من خلال الحصول على قرض للمشروع أو معونة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو أمر وارد لأننا من الموقعين على اتفاقية حظر الأسلحة النووية ويتيح لنا ذلك الحصول على الدعم الفني والمالي لتنفيذ مثل هذه المشروعات. وأعتقد أن المسألة المالية لها حلول والمهم أن نكون متفقين على المبدأ وعلى كل حال دعونا نحسب ما أنفقناه على مشروعات ليست لها أهمية مثل هذا المشروع خاصة أنه يتعلق بالطاقة وهي عصب الحياة. وعندما نتكلم عن المشروع النووي فإننا نبحث عن الطاقة غير الناضبة، حيث إن البترول أو الفحم سينضب عاجلا أم آجلا حيث إن تقديرات عمره الافتراضي مع الغاز تترواح ما بين 30 ـ 50 عاما في أفضل التوقعات. إنما الطاقة النووية ليست ناضبة حيث إن عمر المحطة يمكن أن يصل إلى نحو 50 عاماً وهناك وفرة في الوقود النووي وبأسعار مناسبة بالإضافة إلى وجود مفاعلات اقتصادية في التشغيل والاستهلاك للوقود.
* الوفد: كيف نقنع الناس بعدم وجود مخاطر من المفاعلات النووية بعد أن ظللنا سنوات طويلة نقول لهم إن هذه المفاعلات شديدة الخطورة ولا يجب التفكير في أمرها؟
ـ د.عزت: لابد من تنظيم حملة إعلامية قوية يقوم بها المتخصصون بصفتهم القادرين على الكلام في هذه القضية، وإقناع الناس بالجدوي الإقتصادية لهذه المحطات وتعريف الناس بأن الطاقة النووية لها جوانب كثيرة جدا وتمثل فائدة كبرى للناس. ومنها أنها تستخدم في تشعيع الأغذية بما يقلل الفاقد منها الذي يصل إلى عدة مليارات من الأطنان في الدول الأفريقية بمفردها. وتستخدم أيضا في تعقيم اللحوم من الأمراض كالسلامونيلا القاتلة حيث يتم التخلص منها وزيادة مدة تخزين اللحوم في الهواء الطلق أو مبردة، بالإضافة إلي حماية البصل والبطاطس والخضروات سريعة التلف التي يمكنها أن تصبح ذات عائد جيد وبدلا من استخدام المواد الكيماوية في تطهير هذه المنتجات بما يمثل خطورة على صحة المواطنين. ويمكن بالتكنولوجيا النووية أن نطهر مياه الصرف الصحي التي تصل كمياتها إلى مليارات الأطنان سنويا وإعادة استخدامها في الري بعد تطهيرها من الميكروبات والجراثيم عن طريق التشعيع. وبذلك يتم التخلص من مشكلة الصرف وتحويل منتج ضار بالبيئة إلى منتج اقتصادي يستخدم في الزراعة والري.
منقول من جريدة الوفد